القبائل البدائية (قبيلة الهيمبا)

تأليف: 

قبيلة بدائية يبلغ عدد أفرادها من 20 إلى 50 الف نسمة تعيش في شمال ناميبيا، وتمارس القبيلة حياة الرعي ، وتنحدر من شعب "الهيريرو" وقد هاجرت هذه القبيلة مع شعب "الهيريرو" إلى ناميبيا قادمة من شرق افريقيا منذ عدة مئات من السنين، وقبل حوالي 150 عاما انفصلت قبيلة الهيمبا عن شعب "الهيريرو" الذي تابع رحلته نحو الجنوب.

ويعمل افراد القبيلة في تربية الماشية التي تقوم النسوة بحلبها إضافة لرعايتهن للأطفال، ويمكن للمرأة أن تأخذ على عاتقها تربية ابناء امرأة أخرى، ويقع على عاتق المرأة أيضا أعمالا شاقة أخرى مثل نقل الماء من النبع إلى البيوت وحتى بناء البيوت.

 

  

    

وتأخذ بيوت "الهيمبا" شكلا مخروطيا، ويتم بناءها من الأغصان الفتية التي تغطى لاحقا بالطين.

     

تحافظ القبيلة على ديانتها القديمة بما في ذلك عبادة الأجداد التي كانت سائدة لدى الكثير من الشعوب الأخرى، حيث تتحول روح الميت إلى كائن مقدس ينتمي إلى عالم الآلهة، وترتبط طقوسهم الدينية بالنار المقدسة التي تعتبر بمثابة حلقة الربطبين الحياة الدنيا وعالم الأموات، ولا تتوقف النار المقدسة عن الاشتعال طالما زعيم القبيلة على قيد الحياة، وعندما يموت زعيم القبيلة يتم هدم بيته وتنطفئ فيه النار المقدسة التي يتم إشعالها في بيت الزعيم الجديد، أما عائلة الزعيم فتقوم كل الليل بأداء رقصات دينية، وعند الدفن يودع الزعيم بعبارة (كاريبو ناوا) ما معناه : (لا تمرض) أو كما يقولون عندنا بالعامية (عليك العافية).

 ويلعب اللباس والزينة وتسريحة الشعر دورا هاما في حياة أفراد هذه القبيلة، حيث يتم وضع القلادات في أعناق حتى الأطفال حديثي الولادة، وفي سن المراهقة يلبس الكثيرون منهم قلادات نحاسية مزينة بالصدف.

وتلبس المرأة تنورة مصنوعة من جلد الماعز، مرصعة بالأصداف وبعض القطع الفنية من النحاس.

  

كما يقوم أفراد القبيلة نساء ورجالا بدهن أجسادهم بصباغ شبيه بالحناء أو المعرة  على شكل مرهم، من أجل حماية الجلد من اشعة الشمس، وغالبا ما يضاف إلى هذا المرهم مادة معطرة تمنحه رائحة زكية، وهذا ما يعطي أجسادهم اللون المائل إلى الحمرة وهو رمز الدم، الذي يعتبر بدوره رمزا للحياة.

  

وتقوم النساء بجدل الضفائر لبعضهن البعض ثم تطلى الضفائر بهذه المادة أيضا، ويحدد شكل الضفائر الوضع العائلي للمرأة، اهي عزباء أم متزوجة، كما أن تسريحة الرجل تحدد وضعه العائلي فالرجل المتزوج مثلا يلبس على راسه عمامة.

لا يرتدي أفراد الهيمبا لباسا عصريا، وإن ظهر هذا اللباس فإن الرجال فقط هم من يرتدونه، ومن المنتجات المعاصرة يستخدم أفراد قبيلة "الهيمبا" العبوات والأكياس البلاستيكية فقط، ويستخدمونها لحفظ أغراضهم وزينتهم.

  

وبسبب الطبيعة الصحراوية القاسية التي يعيشون فيها وانعزالهم شبه التام لفترة طويلة عن العالم الخارجي، فقد حافظ أفراد قبيلة "الهيمبا"على طريقة حياتهم التقليدية القديمة، ولم يكونوا في السابق يسمحون للغرباء بالتواصل معهم، ولكنهم في السنوات الأخيرة بدأوا يسمحون للبعض بالاقتراب منهم والاطلاع على أسلوب حياتهم، وبعد ظهور بعض الريبورتاجات والأفلام الوثائقية التي تتحدث عنهم اصبحوا مقصدا للسواح من أنحاء العالم المختلفة.

  

في أواسط 1800 تعرضت قبيلة "الهيمبا" لغزو من قبيلة "هاما" التي شردتها وسلبت كل ممتلكاتها، مما دفع بالهيمبا للعودة إلى حياة الصيد بعد أن فقدت قطعانها، منتقلة بذلك من طور الرعي الذي يعتبر متقدما قياسا إلى طور الصيد، وهاجر الكثير من افرادها إلى أنغولا التي أطلق سكانها عليهم لقب "المتسولين"، وبعد الحرب العالمية الأولى عاد زعيم قبيلة "الهيمبا" مع من بقي معه من أفراد القبيلة إلى ناميبيا.

في عام 1904 تعرضت قبيلة "الهيمبا" لحملة إبادة عرقية من قبل الاحتلال الألماني والذي طال بقية شعوب المنطقة الخاضعة له ولكن بشكل خاص الهيمبا وأقاربهم الهيريرو.

في عام 1980 تفككت قبيلة الهيمبا بشكل كامل تقريبا ولم يعد لها وجود، بعد أن قضى المحل على 90% من قطعانهم مما اضطر غالبية افراد القبيلة للهجرة كلاجئين إلى مدينة ابوفو.

وفي عام 1990 بدأت القبيلة بمحاولة إحياء نفسها، وتساعدها في ذلك حكومة ناميبيا التي توفر لأطفالهم المدارس المتنقلة.