تقدموا.. إلى الوراء

تأليف: 

ما كان ذلك كابوسا، بل كان يقظة أعتى من الكابوس :

 رأيتنا أمامنا المرايا، لا نرى سوى ما خلفنا.

رأيتنا ثوراتنا  كثيرة لكنها جميعها لا تعمل فيها سوى  سرعة واحدة " إلى الوراء"،  رأيتنا كلما جاوز سيل زبا جهازنا، نضغط الأزرار للخروج من أزماتنا، فلا يعمل إلا زر واحد فقط "استعادة النظام"، رايتنا كلما عجزنا عن الجواب نحذف إجابتين، ونبصق على الجمهور والأصدقاء، ونخسر المليون تلوه المليون.

رأيت شرطة تنفذ القانون، فتجلد النساء في الساحات، ثم رأيت أمة  تفر في الخفاء، تملأ البحار والسماء، تقدم الأوراق للذئاب ، تطلب رحمة اللجوء الإنساني في الغابات.

رأيت سلحفاة تمر قربنا ثم تغيب في الأفق، لم تكن سريعة لكنني رايتنا نسير للوراء.

رأيت ضوءا في البعيد، ظننته نهاية النفق، غير أنني وجدت جمرة لنجمة في غابر الزمان في بئرنا هوت، أمسكتها، سرعان ما خبت.

رأيت عقارب الساعات، بين ضلوع الوقت، تغرس النصال ، ثم رأيت جثة تحللت اسمها الزمن.

(دمشق 2009)