الكلب الأندلسي

تأليف: 

الكلب الأندلسي فلم سوريالي صامت مدته 16 دقيقة أخرجه المخرج الإسباني المعروف لويس بونويل وشاركه الفنان السوريالي المعروف سلفادور دالي،أنتج عام 1928 و قدم للمرة  الأولى ضمن عرض خاص في باريس في عام 1929، ولكن عندما نال الشهرة  فقد استمر عرضه ثمانية أشهر متواصلة، ويعتبر الكلب الأندلسي الفلم الأكثر شهرة بين الأفلام السوريالية في عشرينيات القرن الماضي (العشرين)

لايقدم الفلم قصة بالمعنى المتعارف عليه، فالتسلسل الزمني على سبيل المثال  مقطّع بحيث ننتقل من المشهد الأول (في قديم الزمان)  إلى المشهد الثاني (ثمان سنوات مضت)  بدون  تغيير يطرأ على الديكور والشخصيات،  ويعتمد بونويل  في الفلم طريقة الحلم لعرض الأحداث، حيث لا تخضع مشاهد الحلم بتاتا لسيطرة منطق العقل ولا  للترتيب الزمني المتسلسل الواعي،  ولهذا فإن النقاد حين يتحدثون عن الفلم يستخدمون  بكثرة مصلطحات نظرية الحلم لفرويد التي كانت  تحظى بشهرة كبيرة في ذلك الوقت.

وقد دحض بونويل مختلف التأويلات التي قيلت في شرح الفلم عندما بين في مذكراته لاحقا بأنه هو ودالي  أخذا كل ما وقع تحت أعينهم من الأشياء دون التفكير في أي معنى يمكن أن تحمله، ثم قاما برمي كل شيء يمكن أن يرتبط بهذا الشكل أو ذاك برمز معين، وقال أن كل التحليلات التي قدمت عن الفلم لا تملك اية صلة مع الواقع، و وضح أن القاعدة الوحيدة التي اعتمدها مع دالي عند وضع السيناريو هي منع " أي أفكار أو رموز يمكن أن يكون لها تأويل"، وإضافة إلى ذلك  فقد اكد بونويل بأنه في الفلم "لا يوجد أي شيء يمكن أن يرمز لأمر ما. وأن الطريقة الوحيدة التي أعتمدت لبحث الرموز هي طريقة التحليل النفسي.".

وقد تبين لاحقا بأن الفلم اعتمد على حلمين واحد لدالي والآخر لبونويل.

أما اسم الفلم فهو على الأغلب مستقى من العادات والتقاليد التي كانت سائدة في الأندلس والتي تعتقد بأن الموت يسبقه عواء الكلاب الذي ينذر بالحداد.

يبدأ الفلم بمشهد ( في قديم الزمان) حيث نرى رجلا في أواسط  العمر (لويس بونويل) يقوم بسن حد شفرة موس الحلاقة، يخرج إلى الشرفة ويشاهد قمرا مكتملا، ثم يقوم  بواسطة الشفرة  التي سنها بجرح وشق عين فتاة  تجلس على كنبة، وفي هذه الأثناء تعبر سحابة شفافة امام قرص القمر، وبحسب النقاد نقلا عن لويس بونويل، فإن هذا المشهد كان من تصميم سلفادور دالي، بعد ذلك نشاهد يدا مثقوبة يخرج منها النمل، ويدا مقطوعة غرست فيها فرشاة ، ورجلا يجر آلتي بيانو وعليهما حمير ميتة شبه متحللة  ورجلي دين مستلقيان،  ثم نشاهد رجلا يطلق النار على رجل آخر، وغير ذلك من المشاهد غير المترابطة، وكل هذه النماذج لا تتحد في نهاية الفلم،  ولا يتضح لنا الغاية منها وتبقى دون تفسير  ويطغى عليها طابع اللغز.

من أجل تصوير مشهد حز بؤبؤ عين الفتاة بموس الحلاقة، استخدمت عين بقرة، ويعتبر هذا المشهد من اكثر المشاهد المقززة في تاريخ السينما.

يأخذ الفلم عدة اقتباسات من أعمال أدبية تعود لتلك الفترة، بما فيه بعض اشعار الشاعر الأسباني لوركا، و رواية خوان رامون هيمينيس ( بلاتيرا وأنا) التي كان صانعا الفلم يكرهانها جدا.

في عام 1960 قام لويس بونويل بإضافة موسيقى تصويرية للفلم أخذها من أوبرا فاغنر (تريستان و إيزولدة)، ومن مقطوعتي تانغو أرجنتينيتين، وهي نفس الموسيقى التي كانت توضع في الغراموفون في العروض الأولى للفلم قبل أن يضاف إليه الصوت.

وقد لعب لويس بونويل في الفلم دور الرجل في الافتتاحية، ولعب سلفادور دالي دور رجل دين، وسيمونا مارييل دور الفتاة، وبيير باتشيف دور الرجل.

هذا ولا يزال الفلم حتى وقتنا الحاضر يثير الجدل حول أهميته بالنسبة لتاريخ السينما لما أدخله من منطق جديد للغة السينمائية، ولكونه بمثابة بيان سوريالي، إضافة إلى ذلك بعض التطوير الذي أحدثه في تكوين الكوادر، بينما يعتبره البعض مجرد هذيان سينمائي بعيد عن اللغة السينمائية الغنية بالرموز ذات الدلالة.