"الربيع العربي العاجل"

ترجمة: 

ايغور كولتشينكو

جريدة سوفيتسكايا بيلاروسيا (18/3/2011) 

قسراً لمساره التقويمي يقترب "الربيع العربي" على مايبدو، من نهايته. أما اهتمام الرأي العام الأوروبي الساخن بالانتفاضات العربية، فمن الملاحظ أنه نحو البرودة في الآونة الأخيرة. إذ تحولت كاميرات التلفزة الأجنبية إلى الزلزال الياباني، حيث كل شيء واضح على الأقل. عندما ارتفعت الطائرات الليبية في الجو وراحت تقصف شرق البلاد، ارتسم ذلك أمام عيون المجتمع الدولي، كخط أحمر تم تجاوزه. ما حدا بالدول الواحدة تلو الأخرى لقطع علاقاتها مع السلطات الليبية. بيد أن العلاقات الدولية اليوم يحكمها ليس القيم الإنسانية، بل سياسة الأمر الواقع. حيث وصل الأمر إلى التندر على قرار الرئيس ساركوزي، من قبل زملاءه في الاتحاد الأوروبي، بخصوص إرساله لمبعوث له إلى بنغازي. بالتأكيد إن "مسيو" الرئيس حالياً يعض على أنامله أنه يقود زمام هذه الحرب الإعلامية الخاطفة والارتجالية. فالرجل يعول على كسب نقط في رصيده للانتخابات الرئاسية 2012. غير أن الفرنسيين من أصول: مغربية وجزائرية وتونسية وليبية وموريتانية، والذين سيصبحون أكثر مما قبل، سيصوتون ضده. وستكون مصيبة عليه، لو تأكدت أنباء تمويل حملته السابقة من قبل أبناء القذافي. أما ألمانيا فهي جاهزة للمحاربة اقتصادياً وحسب. ولا يبدو قريباً، أن تسامح فرنسا على تعريضها الاتحاد الأوروبي للشبهة والحط من قدره، من خلال إقحامه  بعمليات ليست مدروسة. وأما واشنطن، فقد أفصحت بوضوح أسباب عدم الدخول في حرب ثالثة في الدول الإسلامية.

ما يثير الفضول، أن ما عجز عنه النيتو في ليبيا، قامت به المنظمة التي تنضوي تحت أجنحتها ممالك الخليج العربي في البحرين. حيث تدخلت بقوات عسكرية وأمنية "للقضاء على الفوضى". الولايات المتحدة وصفت الحدث بالخطأ، لكنها أكدت على أنها لا ترى فيه "تدخلاً عسكرياً". إن التدخل في البحرين يعكس الانشقاق بين الولايات المتحدة الواقعة في بحر من التناقض مع المنطق السليم، وحلفاءها في الخليج الذين حار دليلهم وتعطلت بوصلتهم.

الخبير الأمريكي في معهد سياسة الشرق الأوسط بواشنطن- سايمون هندرسون- يرى أن هذه الدول غاصبة من واشنطن، لأنها سمحت بسقوط حلفاءها المخلصين، كالرئيس مبارك في مصر، دون أن تفعل شيئاً بالمقابل، لإسقاط القذافي في ليبيا.

النزاع في البحرين هو في المقام الأول، صدام بين الحكام السنة، والغالبية الشعبية الشيعية. كما تصف "ستراتفورت" الأمريكية هذا البلد العربي الصغير بحقل للتنافس والصراع بين أضخم دولتين في الخليج: السعودية العربية السنية وإيران الشيعية. ليبيا تحتكم على أقل من 3% من احتياطات النفط في العالم، أما الخليج العربي فيحتضن أكبر حصة منها. لذا تبدو الرهانات على هذه المنطقة عظيمة. فإن لم يتم وضع حد للانتفاضات في الشرق الأوسط، فحسب وزير المالية الروسية- الكسي كودرين- قد تصل أسعار النفط إلى 200 دولار للبرميل الواحد. ومع هذه الأسعار، سيبدو الخروج من أزمة الركود العالمي في طي النسيان.