حزام العفة

تأليف: 

حزام العفة

   ( ممدوح حمادة )

حزام العفة هو أداة صنعت خصيصا لكي تلبسه المرأة على وسطها فيمنع أمكانية الاتصال الجنسي بها، وبعضها يحول دون ممارسة العادة السرية كذلك. وقد شاع أن المحاربين الذين كانوا يذهبون للحروب الصليبية كانوا يلبسون حزام العفة لزوجاتهم ويقفلون الحزام بقفل معدني يحتفظون بمفتاحه معهم لكي لا تتمكن الزوجة أو المحبوبة منح ممارسةحح الجنس أثناء غيابهم، ولكن العلماء والأطباء يؤكدون أن هذا الأمر غير ممكن عمليا، وان الحزام في أفضل الحالات لا  يمكن ارتداءه أكثر من يومين إلى ثلاثة، ذلك أن عملية الاحتكاك التي يسببها بين الفخذين تؤدي إلى قروح لا يمكن تحملها، أضف إلى ذلك أن عملية الاتساخ المستمرة والتي لا يمكن تلافيها في هذه المنطقة بوجود حزام العفة ستؤدي حتما إلى إصابات فيروسية في الدم عبر القسم البالغ الحساسية في الجهاز التناسلي للمرأة وهو ما سيؤدي إلى مرضها حتما وإلى موتها في الكثير من الأحيان، في ظل المستوى الطبي الذي كان موجودا في ذلك الوقت في أوربا، ومن هنا فإن الأطباء والعلماء يؤكدون أن مثل هذه المعلومة غير حقيقية ولا تطابق الواقع، غير أن التاريخ لا يتفق كثير معهم، وهذا ما سنتعرف إليه لاحقا.

حزام مزخرف وعليه نقوش

وقد ورد ذكر حزام العفة للمرة الأولى في الفترة الإغريقية، حيث كان حزام العفة يلبس للعبيد من النساء لكي لا يحملن فيعيقهن ذلك عن العمل، وكان عبارة عن حزامين، حزام يربط حول الخصر ويوصل إليه حزام يمر بين الساقين، وبعد ذلك ورد ذكره في قصائد يعود تاريخها للقرن السابع، ولكن ذكره لم يدعم بأية معلومات ، مما يدفع للاعتقاد بأن خيال الشعراء هو من ابتكره، ولكن ذكره بشكل جدي ورد للمرة الأولى في كتاب تم الانتهاء من كتابته في عام 1405، و يحتوي على شرح يصف الحزام بالقول " إنه حزام حديدي ثقيل تقفل به نساء فلورنسا" ويأتي في الشرح أيضا على ذكر مدن إيطالية أخرى  يصنع بها حزام العفة مثل روما والبندقية وميلانو وبيرغامو، ولا يستبعد أن النساء كن يرتدين هذا الحزام عند خروجهن من البيت لكي لا يتعرضن للاغتصاب في حال اعتدى عليهن أحد. 

أول حزام      للعفة وصل إلى وقتنا هذا، عثر عليه في قبر يعود للقرن السادس عشر مع هيكل عظمي لامرأة شابة، وقد أصيب بالصدأ،  وفي هذا القرن بالتحديد بدأ إنتاج حزام العفة بكميات كبيرة.

في القرن العشرين تم اختراع حزام عفة من الستانلس غير القابل للصدأ ويمكن ارتداؤه لفترات طويلة، كما اخترع حزام عفة للرجل، ولكن أحزمة القرن العشرين تستخدم على الأغلب في الطقوس التي تمارس في الكثير من جلسات الشذوذ الجنسي .

             

وهناك روايات مختلفة لاستخدام حزام العفة، فإحدى هذه الروايات تقول أن أول من استخدم هذا الحزام  هو إمبراطور ألماني تمتنع كتب التاريخ الألماني عن ذكر اسمه، كان يجعل زوجته ترتدي حزام العفة عند ذهابه للحرب خارج حدود المملكة وكان بحسب الرواية حزاما حديديا يقوم بإقفاله بقفل يحتفظ بمفتاحه معه، ويقوم بفتحه شخصيا عند عودته. وسرعان ما تحول اختراع الإمبراطور الألماني إلى موضة اجتاحت إيطاليا ثم أوربا،  وإحدى الروايات تقول أنه كان يستخدم للتعذيب والعقاب، حيث تلبس المرأة حزاما يغطي وسطها بشكل كامل ويتم إغلاقه بعدد كبير من الأقفال لكي يصعب فتحه، وقد كان الحزام يحتوي فقط على فتحة صغيرة لقضاء الحاجة ولكم أن تتصوروا ما تعانيه المرأة بسببه من اتساخ، ويقفل بقفل له مفتاح واحد معلق في رقبة الزوج الغيور.

وبين العصر الإغريقي والقرون الوسطى تفنن الحرفيون في صناعة حزام العفة، فبعد أن كان مجرد حزامين من الجلد في زمن الإغريق، تم تدعيمه في العصور الوسطى بدرع معدني من الحديد أو الفضة أو الذهب أحيانا، ويعود ذلك للحالة المادية للزوج الغيور، وبعض الأحزمة تحولت إلى تحف فينية بكل معنى الكلمة، حيث كان يرصع بعضها أو يزخرف بالنقوش، وأكثر أحزمة العفة شهرة من حيث التفنن في صناعتها كانت تلك التي تصنع في بيرغامو أو في البندقية وكان يطلق عليها من قبل الزبائن " قفل بيرغامو" أو " شبكة البندقية" فكان الرجل للتباهي يقول، أغلقت على زوجتي بقفل بيرغامو أو بشبكة البندقية من باب التباهي.

  

و من الجدير بالذكر أن حزام العفة هذا وبسبب ارتفاع سعره، كان يعد نوعا من الترف، يستطيع الحصول عليه أبناء المجتمع المخملي فقط، حيث يشتريه الأمراء والنبلاء وأولئك الذي ينتمون للبرجوازية الناشئة، ومن هذه الناحية فإنه يمكن القول بأن الفقر رحمة للمرأة في هذه الحالات، ولهذا فقد كان اقتناؤه مصدرا للتفاخر في تلك ألأوساط، فالأم تعلن للعريس متباهية بأن ابنتها منذ نعومة أظفارها ترتدي حزام العفة، وتذكر الماركة فتقول: (شبكة البندقية أو قفل بيرغامو)، ومثل هؤلاء الفتيات كن على ما يبدو ثروة بالنسبة للعريس، فهذا من ناحية يدل على مستوى العروس المادي، ومن ناحية أخرى يدل على عذريتها وهو أمر نادر في ذلك الزمن، أما المفتاح الذي كانت تحتفظ به الأم طوال تلك السنين فتقوم بتقديمه للعريس الذي تنتقل إليه مهمة حارس العفة.

وبغض النظر عن تأكيد بعض الأطباء والعلماء على استحالة استخدام حزام العفة في الحروب الصليبية، إلا أن التاريخ يؤكد هذا الأمر، حيث أن الكثير من المحاربين الذين كانوا يخشون من الخيانة الزوجية أثناء غيابهم كانوا يلزمون هؤلاء الزوجات بارتداء حزام العفة المهين، أما المرأة المسكينة فقد كانت مضطرة لتحمل المعاناة حيث كانت تتقرح عندهن الخصور ومناطق الأعضاء التناسلية، وفي بعض الحالات كانت تحدث تغيرات على جسد المرأة فتسمن قليلا أو كثيرا ويصبح الحزام ضيقا على جسمها، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تحرير الزوجة من قيود زوجها الغيور انطلاقا من الحرص على حياتها، وكان ذلك يحدث بعد قرار خاص من السلطات الكنسية، حيث كانت تتم عملية خلع للقفل وكان يتم إخبار الزوج بذلك قبل إجراء العملية، لكي لا تذهب به الظنون بعيدا بعد عودته فيقوم بمحاسبة زوجته كخائنة.


وقد جرت أحداث مأساوية في بعض الأحيان، فمنذ فترة قصيرة  وفي القلاع التي دمرت في بافاريا عثر على جثث الكثيرات من النسوة اللواتي دفنّ مع أحزمة العفة المقفلة على وسط كل منهن، وقد ارجع المؤرخون تلك الجثث إلى أرامل أولئك المحاربين الذين لم يعودوا من الحرب، وحكم عليهن بالحفاظ على العفة والإخلاص للزوج الميت حتى وفاتهن (طبعا بمساعدة حزام العفة الذي لم يتم فتح قفله).

وبطبيعة الحال فإن هذه الطريقة الوحشية للحفاظ على العفة لم تكن فاعلة كما كان يأمل الأزواج الغيورون، فصناع الأحزمة وجدوا طريقة للربح الإضافي، عن طريق صك المفاتيح الاحتياطية التي كانت تباع بأثمان لا تقل عن ثمن الحزام نفسه، إما للمرأة أو لعشيقها أو لأي شخص آخر على علاقة بالموضوع، وقد ظهرت الكثير من النكات والرسوم التي كانت تسخر من ذلك، ومن بينها رسم كاريكاتوري يصور فارسا ذاهبا إلى الحرب في فلسطين علق في عنقه مفتاح حزام العفة، ومن نافذة القصر تلوح له بمنديل فتاة رائعة الجمال هي زوجته، وخلف خميلة في الحديقة نشاهد فارسا آخر ينتظر انصرافه ومن رقبته يتدلى نفس المفتاح الذي في رقبة الزوج.

وعندما تأكد أن الأقفال التي تستخدم في الحزام لم يكن لها أي قيمة تذكر، ويمكن فتحها متى شاءت صاحبتها ذلك، قام صناع الأقفال تحت ضغط الأزواج الغيورين وبدافع الحصول على ربح إضافي بصناعة أقفال إضافية مفاتيحها تختلف علن بعضها ومن مصادر مختلفة، بحث إنه لكي تفتح الزوجة الخائنة أقفالها لعشيقها يجب أن يعلم أشخاص كثيرون بأنها حصلت على المفاتيح، وهذا أمر يكفي لحدوث الفضيحة، أما بعض الصناع فقد اخترعوا إقفالا فيها علامات سرية، على سبيل المثال نابض يوضع في قلب القفل مقطع على شكل أجزاء موصولة إلى بعضها بشكل طفيف، كلما فتح القفل يكسر جزء من هذه الأجزاء، وبالتالي فعندما يعود الزوج ويفتح القفل، يقوم باستخراج ذلك النابض ويحسب عدد الأجزاء الناقصة من نابض القفل وبالتالي يتمكن من معرفة عدد المرات التي فتح فيها القفل الذي  أغلق به على كنزه الثمين، العلم عند الله بماذا سيشعر إن لم يجد أي جزء من أجزاء النابض.

ما يثير الدهشة أن بعض الورشات لا تزال تنتج أحزمة العفة حتى وقتنا الحاضر، وذلك بطلب من بعض الأزواج الغيورين، ولكنها بدلا من الأقفال الميكانيكية تستخدم أحدث ما توصلت إليه الصناعات الالكترونية، وبهذا الشكل فإنه يترتب على العشيق أن يلجأ على خدمات الهاكر لكي يقوم بفعلته المشينة، ويؤكد أصحاب هذه الورشات أنهم يبيعون سنويا ما بين 150 إلى 200 حزام عفة.

وفي اندونيسيا وبسبب العداء تجاه الصينيين هناك فإن بعض الصينيات يلبسن حزام العفة تجنبا للاغتصاب، أما في محال التدليك والمساج في اندونيسيا أيضا، فإن مدراء هذه المحلات يرغمن النساء العاملات هناك على ارتداء حزام العفة لكي يعلم الزبون بأن هذه المحال لا تقدم خدمات جنسية.

في بريطانيا في عهد الملكة فيكتوريا اخترعوا كذلك حزام العفة الرجالي، وقد تم صنعه للمراهقين وذلك لمنعهم من ممارسة العادة السرية، حيث كان يسود اعتقاد في بريطانيا في ذلك الوقت بأن ممارسة العادة السرية تؤدي إلى العمى وإلى الجنون أو الموت المفاجئ، وإلى نمو الشعر في راحتي الإنسان، وما إلى ذلك من اعتقادات. ويعود اختراع أول حزام من هذا النوع إلى عام 1889 .

 حتى الاحتلام الليلي البريء في ذلك الزمن كان يعتبر مضرا بالصحة، وتم تحاشيه ومعالجته بحزام خاص كان يوضع على عضو المراهق  قبل النوم ويتم ربطه بغرة الولد وعند حدوث أي انتصاب فإن ملقطا خاصا يمسك بالمنطقة الزائدة مما يحدث ألما للمراهق يستيقظ بسببه، وبالتالي تتراجع عملية الانتصاب.

وبعد ذلك بأعوام ذهب العلم إلى ابعد من ذلك في اختراعاته، ففي عام 1903 تم اختراع لباس داخلي سمي بـ (كلسون الحياء) كان يرتديه الشاب، وفيه نابض يمر عبره العضو الذكري وهذا النابض هو جزء من آلية بداخل (الكلسون)، يقوم فيها النابض عند حدوث عملية الانتصاب بالتمدد فيلامس نقطة في تلك الآلية ويغلق الدارة الكهربائية مما يعرض العضو لصعقة كهربائية صغيرة ولكنها كافية لوقف التهيج وتراجع عملية الانتصاب.

ولكن بعد أن اكتشف الانكليز أن التيار الكهربائي في أحيان كثيرة يكون عاملا مهيجا أكثر قاموا في عام 1917  باختراع جهاز جديد خصص لمعالجة المراهقين الذين يمارسون العادة السرية، بإرسالهم إلى المشافي التي كان يتوفر فيها هذا الجهاز، وقد أطلق عليه البعض تسمية  "الطنجرة البخارية"، وهو عبارة عن سروال قصير (شورت) من الجلد له دكة معدنية تقفل بقفل، وفي داخله أنف (زلومة) يوضع فيها عضو المراهق بحيث يمكن أن يقضي حاجتهولكنه لا يستطيع ممارسة العادة السرية؟

 


غير أن هذا الجهاز يبقى رحمة مقارنة بجهاز اخترع قبله (1909) يشبه إلى حد بعيد الفخ، حيث أنه عند حدوث أي انتصاب يطبق على الخصيتين فيقطع الدم عن العضو، وتصور يا رعاك الله بماذا سيشعر ذلك الفتى المسكين عندما يطبق ذلك الفخ على تلك المنطقة الحساسة.