أصابع النزق (نص الرغبة)

تأليف: 

بي رغبة للصراخ الأكيد

كي تزهر شوارع صوتي

بالكلمات التي لم يدنسها شاعر

وبالمعاني الطليقة كقاسيون...

"1"

للموت رائحة تشبه الأخضر...

من أي عشق أتيتني يا موتُ

كأنكَ الأرضُ تشهقُ، تلد القمحَ والكروم...

كأنك الخيل عالياً: فيتحد العشق والصهيل

من أية رعشة أتيتني يا موت...

كأنك العشق في انكسار النظرة الحرون على

أطراف البوح...

تكاد تبوح يا موت بالفتنة الخالقة...

أليس دمي هذا يزهر في خوابي النبيذ...؟

أليس وجهي هذا على بوابات التفاح يرشد

الغائبين...؟

تذكرتكِ أبداً...

أجل تذكرتها اليوم، وكان الوقت سلةَ برتقال...

قشري عني الخوف، وخذيني كليلا أزول وحيداً...

يربكني أن أزولَ وحيداً...

فوحدتي عناقيدٌ ناضجة تنقط الفراغ البعيد...

فيا أيها الأخضر المجنون...

أعرف أنك تشبه العشق في اندلاعه...

إلا أنني اربي الرغبة في مدارس روحي

أعلمها كيف تشظي الوقت إلى رقصات خالدة...

الرغبة التي

تحمل الماء والنار في نهديها

الرغبة التي ترضع اليائسين

حليب النهوض.

"2"

تذكرتها الآن...

وجهها وانسحاق دمي أمام عينيها

وانفجاري بالصراخ الذي لا صوت له:

- صراخي: كهف مليء بالوعول السجينة، والجبال

رعشة بعيدة...

- صوتي: إشارات الرغبة التي تستحيل حدائق

للحدائق...

هذا الحطام ما عاد حطامي

أنا تكونت من الموت الذي لا يموت...

أنا الذي كنت أترنح بين حجر الهزيمة، وقلعة

الانتحار...

فالرغبة التي تشق صدري، وتطل بأشجارها من

عظامي

هي الرغبة ذاتها المدججة بالبحر والحمام...

تمنيت أن أراك اليوم.. البارحة... غدا

تمنيت أن أرى دمي في الشوارع السائرة إلى

الحدائق...

إلى منازل البرتقال

والكرنفال...

"3"

البلاد ياسمينة محظورة على عشاقها...

البلاد عناقيد الغضب الناضجة

           وخمرها المؤجل..

أزيحي عني ستائر التعب والنسيان

وخذيني إلى شرفات البوح العالية...

خذيني إلى سهول اللثغ والحبو...

إلى روابي المشي والبوحِ

وانزعي عن ضلوعي قبور أجدادي

             التي

تشبه فجائع النسور...

ما كان يؤلمني لو أعلق انتحاري على أعمدة الكهرباء

المفلوشة

في حارتنا...

أبدا ما كان ليؤلمني...

إلا أنني اليوم أخجل من العشب الذي يشرئب بقامته

من الركام

      متنشقا الشمس

             باصقا الخراب....