الكادر 25 أو الإعلان الخفي

تأليف: 

الكادر 25  ( الإعلان الخفي – الإعلان باللاوعي) طريقة مبتكرة للتأثير على وعي و لاوعي البشر عن طريق إضافة إعلان خفي في الصورة على شكل كوادر إضافية ، ويقول "جيمس فايكيري" مخترع هذه الطريقة بأن التجارب التي أكدت فاعلية هذه الطريقة كانت مفبركة، ولكن مع ذلك فقد منع استخدام هذه الطريقة في العديد من البلدان.

وتتلخص الفكرة بأن عين الإنسان قادرة على مشاهدة 24 لقطة في الثانية ( علما أن ذلك مرتبط بوضع أطراف الصورة  وسرعة حركة الأشياء على الشاشة ، أي أنها فرضية تخضع للنسبية) ولهذا فإن الكادر الغريب الذي يظهر لمدة لا تتجاوز 1/24 من الثانية، عمليا يتجاوز الوعي إلى منطقة اللاوعي ليؤثر عليها، وكما هو معروف فإن كافة المعلومات الواردة إلى الدماغ تأتي من منطقة اللاوعي، ثم تتدخل منطقة الوعي لمعالجة تلك المعلومات وتصنيفها بحسب أهميتها. وبهذه الطريقة تتراكم كمية ضخمة من المعلومات التي عبر مواصلة التلقي تزيد بكثير عن  نسبة 1/ 25 من الثانية (على سبيل المثال الإعلان التلفزيوني المألوف).

وتتلخص الطريق بأنه أثناء تبديل الكادر في جهاز العرض السينمائي فإن غطاء العدسة يقوم بإغلاقها لكي لا يحدث وميض على الشاشة وريثما يكون جهاز العرض الأول مغلقا يقوم جهاز العرض الثاني بفتح غطاء عدسته ويعرض الكادر 25 سيء السمعة، وبكلام آخر فإن الكادر 25 هذا يعرض للمشاهد تماما كالكادر السينمائي، أي بمعدل 24 صورة في الثانية وبهذا الشكل فإن التردد العام أثناء تبديل الكادر يبلغ 48 صورة في الثانية، لكن استمرارية وسطوع الكادر 25 فتكون منخفضة مقارنة مع الفلم، أما في التلفزيون فإن تردد تبديل الكوادر يبلغ 25-29.97 صورة في الدقيقة ( وبكلام آخر من 50 إلى 60 نصف صورة)  وبهذا فإن دس كادر غريب بينها لا يظهر للمشاهد أمر غير ممكن.

وفي واقع الأمر فإن الكادر 25 ليس خفيا على الإطلاق فعين المراقب ترى جميع الكوادر، ولكن بسبب ظاهرة الخمول البصري* فإنه يمتزج مع بقية الكوادر ولا يتم تحديده من قبل الإنسان. ولكن بفعل هذا أيضا فإن الكادر الإعلاني الإضافي يمكن رؤيته بدون عناء، لدرجة أنه يمكن قراءة مفردة قصيرة  إذا كانت مكتوبة بخط كبير.

وفي عام 1957 قام جيمس فايكيري بإجراء اختبار "للكادر 25" في صالة للعرض السينمائي في نيوجرسي، حيث قام بمساعدة آلة عرض إضافية، وأثناء تبديل الكوادر في آلة العرض الرئيسية في فيلم :بيكنيك (النزهة)" للمخرج جوشوا لوغان، بعرض كادره الخامس والعشرين  الذي تضمن عبارات مثل (كوكا كولا) و( كلوا البوشار!)، وقد استمر عرض الفلم طيلة صيف 1957، وبحسب تصريحات فايكيري فقد ارتفعت نسبة مبيعات (كوكا كولا) في مقاهي صالات العرض بنسبة 17% بعد قيامه بتجربته، أما (البوشار) فقد ارتفعت نسبة مبيعه بنسبة 50%، مما دفع فايكيري للحصول على براءة اختراع لطريقته هذه (الكادر 25).

أما فكرة هذه التقنية المخادعة فقد أوحى له بها  (الفلاش) الذي كان قد اخترع منذ فترة قصيرة، والذي يصدر الضوء لمدة 1/60000 من الثانية، فالإدراك البشري لا يلتقط مثل هذه النبضة السريعة، لأنها تحت عتبة التلقي، وقد حصلت شركة "كوداك" بفضل هذه التقنية على لقطات رائعة لرصاصة في حالة طيران وغير ذلك مما لا تتمكن العين المجردة من التقاطه، وقد قرر فايكيري استخدام هذه التقنية بطريقته الخاصة.

التصريحات التي أطلقها الإعلام في ذلك الوقت حول هذا الاختراع جذبت اهتمام العلماء ومندوبي الإعلان والمسؤولين الحكوميين إلى طريقة فايكيري المبتكرة، وطلب منه إجراء تجربة جديدة، وقد قام "فايكيري" بعدة تجارب ولكنها كلها لم تأت بالنتائج المطلوبة، حيث أن العينة الخاضعة للتجربة لم تظهر أي اهتمام بالأمر الذي كانت توحي لهم بها عروض فايكيري وفريقه.

ثم توالت الفضائح، فقد أعلنت جمعية السيكولوجيين الأمريكيين في عام 1958 بعدم فاعلية طريقة فايكيري، ثم جاء بعد ذلك "ستيوارت روجيرز" الطالب في إحدى جامعات نيويورك لكتابة حلقة بحث عن طريقة "فايكيري" فتوصل إلى نتائج مثيرة للشك بكل ما فعله "فايكيري" وبتجاربه وبالتالي بنتائج هذه التجارب، فقد اكتشف هذا الطالب أن صالة العرض التي ذكرها  "فايكيري" في تجربته لا يمكنها استيعاب 50 ألف مشاهد في غضون ستة أسابيع، كما ورد في الدراسة التي قدمها "فايكيري"، والأنكى من ذلك أن مدير هذه الصالة نفى علمه بحدوث أية تجارب قام بها أحد ما في صالته.

ثم قامت عدة جهات لاحقا بإجراء اختبارات خاصة بها على هذه الطريقة، ومنها شركة الإعلان ( كاناديان بروداكاستينغ) حيث مررت أثناء عرض البرنامج التلفزيوني الشهير (كلوز آب) عبارة (اتصل الآن)، فاتضح أنها لم تترك أي تأثير لدى المشاهدين، حيث أن الاتصالات لم تزدد عما هي عليه إطلاقا، كما أن جميع الأشخاص الذين أجريت عليهم التجربة سئلوا عن محتوى الرسالة الموحى إليهم بها، فلم يستطع أحد منهم أن يسمي هذه الرسالة، غير أن 50% منهم قالوا أنه أثناء مشاهدة البرنامج كانت تنفتح شهيتهم على الطعام والشراب.

وفي عام 1962 قام فايكيري بالاعتراف بأن تجربته التي تحدث عنها وكل الإحصائيات التي قدمها فيها كانت مفبركة ومفتعلة.

وفي وقت لاحق قامت عدة جهات بإجراء تجاربها الخاصة بها على هذه الطريقة وأعلنت عن نجاحها، بعكس ما حصل مع تجارب فايكيري، ولكن جميع هذه الجهات نوهت إلى أن نجاح "الإعلان الخفي"، أو ما سمي بالكادر 25  مرتبط بتحقق شروط محددة سواء فيما يتعلق بموضوع نسبة العرض التي تستخدم في بث الكادر 25 أو بسرعة العرض أو بظروف العرض أو باختيار المحتوى وطريق دسه.

* الخمول البصري: أو الكسل البصري  هي ظاهرة  تأخر البصر في التجاوب ومواكبة حركة الشيء في الواقع.