من أنا؟

تأليف: 

من أنا ؟ سؤال لم أطرحه على نفسي يوما ما، على اعتبار أنني أعرف نفسي وعلى دراية باصلي وفصلي كما يقال ، ولكن تجربتي الاخيرة والتي لا تزال مستمرة الى اليوم تدفعني لطرح هذا السؤال من أنا؟

جئت الى ليبيا عشية سقوط العاصمة طرابلس، جئت عبر تونس حيث لم يكن هناك اثر لحرس الحدود والامن العام الليبيين باستثناء بعض الثوار الذين كانوا يرفعون اعلام الثورة ويرددون هتافات النصر، كانوا يرحبون بكل القادمين من تونس، وجميع من كان يعبر الحدود كانوا من الإعلاميين، لم يسأل احد عن جواز السفر او عن اي ترخيص للعمل في ليبيا كما كانت العادة سابقا، دخلنا بالمئات من دون تاشيرات دخول وما كنا نسمع الا الترحيب بكافة اللغات العربية والانكليزية والفرنسية والاسبانية والطليانية وغيرها من اللغات باستثناء الصينية، علما ان بعض الاعلاميين الذين اجتازوا الحدودة معنا كانوا من التبعية الصينية ، باختصار وصلنا طرابلس الغرب مساء وكان المشهد مؤلما، مدينة مهجورة لا وجود للحياة فيها باستثناء فندقين كانا يشكلان ملجأ للصحافيين، وبالطبع جيش من الاعلاميين وهذان الفندقان لا يفيان بالغرض، بتنا ليلتنا الاولى في بهو الفندق وفي صباح اليوم التالي وجدنا فندقا اخر كان استولى عليه الثوار فرحبوا بحضورنا بينهم ، بدأنا  العمل وكالعادة تقارير وبث مباشر ومقابلات وإلى اخره .. وفجأة بعد مرور قرابة عشرين يوما توقفت في غرفتي ونظرت في المرآة وتساءلت من انا ؟؟

في ذلك اليوم سرقت محفظتي حيث كل اوراقي الشخصية وجواز السفر ومبلغ لا باس به من المال ، وهنا بدأت رحلتي مع التعريف عن نفسي امام المسؤولين وغير المسؤولين، ولكثرة  الاسئلة والاجوبة بات لساني يخونني احيانا وفي بعض الاحيان أتلعثم واحيانا اخرى تخونني ذاكرتي فلا اتمكن من الاجابة بطريقة عادية لائقة ان صح التعبير فانا في وضع لا احسد عليه ، عاصمة عربية بعد ثورة شعبية ، باختصار السفارات اقفلت ابوابها منذ زمن ورحل السفراء العرب والاجانب عن طرابلس وانا اتعثر بخطواتي بحثا عن شخص ما يتعرف على ملامحي ويعيد لي الذاكرة للتأكد اذا ما كنت انا فعلا انا ، او على الاقل ورقة الصق عليها صورتي الشخصية لاخفف طرح الاسئلة وتقديم الاجوبة لانني فعلا بت لا اعرف من انا .....

وبانتظار تلك الورقة التي ربما ساحصل عليها وربما ستلصق عليها صورتي الشخصية سابقى الى ذلك الحين  كما انا لا اعرف من انا ولكن ما اعرفه جيدا هو انه عندما احصل على تلك الوثيقة سأبصق عليها لمرات عدة "على صورتي بالطبع " حتى ادرك من انا وحتما سارفع صوتي عاليا واردد " بلاد العرب اوطاني " وانا هو انا ، رغبت بذلك الحكومات والسفارات والرؤوساء وكل الاجهزة ام لم ترغب فانا سارفع صوتي " من الشام  لتطوان " أنا هو أنا.