احتمالات

تأليف: 

كثيرا ما نجد ذواتا تجمع صفات متناقضة، ولعل أكثرها شيوعا هو اجتماع الوطني والحرامي في نفس الذات. الاحتمال الأول، هو أن هذا الاحتمال أمر مستحيل أكثر من استحالة التقاء الخطين المتوازيين، لأن اللصوصية تمحي صفة الوطنية فمن هو وطني لا يسرق لا من خزينة الدولة أو من رصيدها الاستراتيجي، ولا من مدخرات مواطنيها، وبنفس الوقت فإن اللص لا يمكن أن يكون وطنيا، اللهم إلا إذا استفاق ضميره قبل المحكمة فقرر أن يتخلى عن كل مكاسبه التي حصل عليها من اللصوصية، أما إذا احتفظ بهذه المكاسب وتوقف عن السرقة فهذا لا ينفي عنه صفة اللص، كما أن التوبة أثناء المحاكمة كلام فارغ وليست اكثر من إحناء الراس حتى تمر العاصفة.

 و هناك عدة احتمالات  لسبب اجتماع هاتين الصفتين في الذات الإنسانية الواحدة.

الاحتمال الأول: انفصام في الشخصية، ولمعالجة مثل هذا الاحتمال هناك احتمال واحد لا يحتمل فرضيات أخرى وهو الطبيب النفسي العصبي، أي التدخل العلاجي بأشكاله، وقد ذكرنا هذا الاحتمال مع أنه احتمال مستبعد.

 الاحتمال الثاني  الأكثر واقعية هو أن أحدهما مزيف ويلبس قناعا أو يختبئ وراء الآخر.

 وهنا يوجد احتمالين أكيدين:

 الأول وهو أن الوطني لا يختبئ خلف قناع اللص، لأنه لا حاجة له به، أما الاحتمال الثاني الأكيد  أيضا فهو إن اللص يختبئ خلف قناع الوطني لأن اللص بطبيعة مهنته يميل إلى الاختفاء. وهو يحتمل أن هذا القناع يخفيه، ذلك لأن احتمالا مهما يسقط من حساباته هو أن الناس لها عيون ولها آذان، وأهم شيء لها أحاسيس تميز فيها التعبير الحي للملامح من التعابير الجامدة للأقنعة.

 احتمال خارج الاحتمالات السابقة:  لن يشعر أنه مستهدف بهذا الكلام سوى اللصوص، فإن لم تكن لصا فلا تظنن أنك المقصود أبدا، وإن كنت لصا تحتمي خلف القناع فحاول أن تتخلص من الصفة  التي لا تشرفك بين هاتين الصفتين، لكي لا تضطر لارتداء الأقنعة، و افعل قبل أن تستيقظ عين العدالة النائمة، لأنها إذا استيقظت هناك  احتمال وحيد، أن ينزع القناع ويظهر الوجه الحقيقي.