من مجموعة (أصابع النزق)

تأليف: 

أنا كلما قلتُ ها هو الصهيلُ 
يطفحُ بالعشبِ 
عضَّ الوقتُ صوتي 
وحاصرتني العجائز .....!!!!؟؟
عجائزُ حارتنا يثرثرنَ عن القمح 
في بطون الصبايا..
عن شبابٍ تواطأ مع دروبِ الرحيلِ
إلى لقمةٍ لا تجيء ....
يثرثرنَ عن طبخة اليوم 
عن سلّة الرقصِ تعفنت في صدورهن ...
عجائزُ حارتنا ما لهن ؟؟
ماتَ الدهرُ 
والترابُ 
ولم يمتنَ ..
وأنا الهاربُ من دلالهن 
وضمهن المشبوه 
يأخذنني كأني عائدٌ من الحربِ
يقلن تعال يا بني 
ويقبلنني لا كالأبناء .....
عجائزُ حارتنا 
أما يبسَ العشبُ في قلوبهن بعد ..؟؟
أما مرَّ قطارُ الخريفِ على أرواحهن ....؟؟
.....
.....
عجائزنا قاماتٌ مجوفة 
وأيدٍ من قشّ..
أرواحهنَ مصابيحٌ ذابلة ..
أعناقهن مشانقٌ باهتة..
عجائزٌ يقضمنَ الوقت بأسنانٍ مكسّرة :
/ السنواتُ رغيفٌ يابسٌ يا بني 
لك أن تقرقشه أو يقرقشك../
بيوتهن قصبٌ يعزفُ الضجرَ والرتابة
والحكايات على شفاههن أشجارٌ متجمدة ..
في كل يومٍ 
في كل رقصة ٍ
يجمعنَ قطيعَ الكلماتِ أمامهن
يرعينَ الأرصفة
ويغسلنا البيوتَ بالذكريات ..
في كل حلمٍ 
ينسجن الماضي حصيراً تالفاً في صدور الأطفال ..
وفي كل مساءٍ
يحلمن بالرجولة الغابرة :
/ إيه ..زنداه كانا من حديد
وقلبه حجر ..
كفاه قلعتان 
وصدره غابة حنون../
عجائزٌ 
للنزهات بين جدرانِ الهزيمة 
وأزهارِ الذبول ..
هنَّ عجائزُ حارتنا ما أحدثكم..
فلك أيها الشجرُ 
أن تجرَّ العجائزَ من سنواتهن
إلى مقاصلِ الأخضرِ القادم
وتقطع الشكَّ بالأغاني ...