الزعيم " تويد" (قصص كاريكاتيرية)

تأليف: 

ولد ويليام تويد عام 1823 في الولايات المتحدة في أسرة متوسطة الحال ، حيث كان والده يعمل في صناعة الأثاث، تلقى تعليمه في مدرسة عمومية، هي نفس المدرسة التي تعلم فيها بعد سنوات غريمه رسام الكاريكاتير توماس ناست، الذي سنتحدث عنه في هذه الزاوية، لم يتمكن ويليام تويد من إتمام دراسته بسبب مرض والده مما اضطره في سن الثالثة عشر إلى ترك المدرسة والالتحاق بورشة والده حيث حل محله في العمل، وبعد عامين من ذلك تم تشغيله مساعدا لأحد التجار. وبعد عام التحق تويد بمدرسة خاصة درس فيها لمدة سنة ثم تركها رغم أن والده قد تعافى صحيا وماليا وأصبح قادرا على دفع تكاليف دراسته، إلا أنه فضل العمل في التجارة، فعمل في البداية محاسبا ثم انتقل للعمل في شركة اشترى والده حصصا منها وبعد ذلك أصبح عضوا في مجلس إدارة تلك الشركة. وفي عام 1848 انضم تويد إلى فريق الإطفاء في منطقته، وكانت الفرق الإطفائية في ذلك الوقت تتشكل على مبدأ العمل التطوعي،  ويعتبر قبول الشخص في صفوفها شرفا كبيرا، ولها دور اجتماعي كبير، وبعد سنتين أصبح ويليام تويد رئيسا لفريق الإطفاء في منطقته مما منحه سلطات سياسية محددة جعلته يتذوق طعم السلطة، ثم بدأ بالارتقاء بشكل تدريجي في الانتخابات المتكررة ممثلا عن الحزب الديمقراطي، إلى أن أصبح عضوا في مجلس الشيوخ في نيويورك عام 1851، وكان لهذا المجلس صلاحيات كبيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي فأعضاءه يملكون الحق بإعطاء الرخص أو حجبها عن الكثير المشاريع الاقتصادية، وخاصة مشاريع البناء والمواصلات والنشاطات التجارية، وبسبب الفساد الذي كان مسيطرا في مجلس الشيوخ فقد حصل هذا المجلس بناء على عدد أعضائه على لقب "الأربعين حرامي" من قبل الأوساط الشعبية.

وفي 1852 انتخب تويد إلى مجلس النواب عن الدائرة الخامسة في  نيويورك وحافظ على منصبه في مجلس مدينة نيويورك الذي كان "مصدر رزقه"، ثم تعددت مناصبه في نيويورك فكان مديرا لشبكة السكك الحديدية التي حصد عن طريقها، عبر منصبه، الكثير من الأموال ، وعلى إثر ذلك أصبح تويد ومن معه مادة للكاريكاتير الأمريكي، وخاصة للرسام توماس ناست، وفي عام 1858 بعد اندلاع الحرب الأهلية أصبح تويد الدينامو الأساسي لنشاط الحزب الديمقراطي في نيويورك .

وبالاشتراك مع أصدقائه لم يكتف تويد بالحصول على الرشاوى من قطع الأرض التي كان يوزعها ومن رخص عمليات البناء التي كان يصدرها، ومن مناقصات كافة الشركات التي كان يربحها بفعل سلطته السياسية التي كان يتمتع بها،  بل تجاوز ذلك إلى النهب بشكل مباشر من خزينة الولاية (نيويورك)، ولكن السيل قد بلغ الزبى، كما يقال، عندما قام تويد بتمويل بناء محكمة نيويورك في شارع تشيمبرس 52، فقد بلغت تكاليف بناء تلك المحكمة أكثر من 12 مليون دولار، ولم يكن ذلك لأن قطع الطوب التي بنيت منها كانت من الذهب، أو لأن مواد البناء من الفضة، وإنما لقاء أعمال تم صرف تكاليفها من الخزينة ولكنها لم تنفذ، وقد سميت هذه المحكمة من باب التندر بمحكمة تويد، ولا يزال هذا الاسم يطلق عليها حتى وقتنا الحاضر.

فساد تويد وحاشيته من رفاق السوء لم يكن يقف أمامه رادع ولم يكن يعرف حدودا، ويمكن القول أن تويد وعصابته عن طريق سلطة تويد السياسية كانوا يحتكرون بشكل شبه كامل كافة النشاطات الاقتصادية والتجارية في مختلف قطاعات الحياة الاقتصادية لولاية نيويورك، لدرجة دفعت بعض نواب الحزب الديمقراطي نفسه للتذمر، والحديث عن ذلك، رغم انتماء ويليام تويد إلى ذلك الحزب وشغله مناصب قيادية فيه.

وقد كانت مجلة "هاربرز ويكلي" في طليعة الصحف التي  تصدت لتويد، على قلة تلك الصحف، فقد كان تويد يشتري الجميع بأمواله، بما ذلك الغالبية العظمى من الصحف الصادرة في ولاية نيويورك، وقد كان ذلك يتم عبر رسوم الكاريكاتير التي يتم نشرها في الجريدة والتي تتحدث كلها عن تويد، وفي مقدمة رسامي الكاريكاتير الذين ركزوا هجومهم على فساد تويد كان الفنان الأمريكي توماس ناست، الذي حاول تويد رشوته بمبلغ 500 ألف دولار أمريكي لكي يكف عن ذلك ، ولكن ناست رفض ذلك، وقد أعرب تويد عن قلقه من تلك الرسوم قائلا لبعض المقربين منه ما معناه أنه لا يأبه بما يكتب عنه فمعظم الجمهور أمي ولا يتقن القراءة، ولكن ما يقلقه تلك الرسوم "ليأخذها الشيطان إنهم يستطيعون مشاهدتها".

الرسوم التي نفذها ناست دفعت محافظ نيويورك الديمقراطي صموئيل تيلدين لفتح ملفات تويد وتقديمه للمحاكمة ، حيث حكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما، ولكن بعد دفع الكثير من الرشاوى، وبقدرة قادر، تم تخفيض الحكم إلى عام واحد، الأمر الذي أثار استياء سكان نيويورك ، مما دفع لإعادة محاكمة تويد، ولكنه في 4 ديسمبر 1875 تمكن من الحصول على سماح بمقابلة زوجته خارج أسوار السجن فأرسل إلى منزله الفخم الذي بناه من السرقات، لأجل هذا الغرض، بمرافقة اثنين من حراس السجن، وهناك دخل إلى غرفة من غرف بيته واختفى بعدها، ثم ظهر في إسبانيا، وتبين لاحقا أنه توجه إلى كوبا أولا ومنها أبحر إلى أسبانيا ، التي سلمته إلى الولايات المتحدة بناء على طلب حكومة الولايات المتحدة، وذلك تجنبا لتوتير العلاقات الدبلوماسية بين البلدين (التي أدى تدهورها فيما بعد إلى نشوب حرب بين البلدين وخسارة إسبانيا لمستعمراتها في كوبا والفليبين).

سجن تويد بعد عودته إلى الولايات المتحدة في سجن "لادلو" الذي بناه بنفسه ونهب أثناء عملية بنائه مبالغ طائلة، كما كان يحصل في كل المشاريع التي تمت أثناء سيطرته على زمام السلطة في نيويورك، وفي ذلك السجن قضى نحبه.

وقد قدرت قيمة الأموال التي نهبتها عصابة تويد بين عامي 1850 – 1873 بـ  75 مليون دولار كحد أدنى، و200 مليون دولار كحد أعلى، وبحسب مقاييسنا الحالية فإن هذا الرقم يوازي من حيث قوته المالية في عصرنا الحاضر 22 ضعفا لذلك المبلغ، ومن أجل المقارنة فإن حكومة الولايات المتحدة دفعت لروسيا مقابل ألاسكا في نفس تلك الفترة، مبلغ 7 ملايين دولار، أي أنها اشترت آلاسكا بمبلغ أقل من تكاليف بناء محكمة نيويورك السالفة الذكر، وبحسب بعض التقديرات في ذلك الوقت فإن ما سرقه تويد وعصابته من الخزينة، يوازي حجم الديون الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.

أما المفارقة الأهم في هذه القصة فهي أن تويد الذي سافر سرا إلى إسبانيا على أمل الاختفاء هناك، قد افتضح أمره بعد أن تعرف عليه سائح أمريكي في إسبانيا، أما هذا السائح فقد تعرف عليه بعد أن حفظ صورته من خلال رسوم الكاريكاتير التي كان ينشرها الفنان توماس ناست في مجلة هاربرز ويكلي، وفي رواية أخرى أن الشرطة الأسبانية نفسها قد تعرفت عليه بواسطة هذه الرسوم، وبهذا الشكل تكون رسوم ناست قد فضحته عندما كان متربعا على رأس السلطة، وكشفته عندما كان مختفيا عن وجه العدالة.   

ولناست قصص كثيرة غير قصته مع تويد سنطلع عليها في مواد لاحقة.

 

نماذج من رسوم توماس ناست حول موضوع تويد، ويوجد غيرها الكثير.

الرسوم:

001

تويد يمسك بولدين ويقول لهما: إذا كان كل ما يريده الناس هو أن يروا أحدا ما خلف القضبان،فإنني سأجعل منكما لصين وتتم محاكمتكما،ثم سيتم تنظيم هركما من السجن،وتيلدين يذهب الى البيت الأبيض وأنا إلى الباني، وبهذا الشكل لا يتأذى أحد.

0002

عصابة تويد تقف على شكل دائرة وفي الأسفل سؤال: (قل لي من سرق أموال الشعب) الجميع يشير بسبابته إلى الواقف قربه.

0003

 على الكرة في الأعلى "الانتخابات" على الصندوق "في العد قوة"

         التعليق :" ما دمت أحسب الأصوات، فماذا ستفعلون"

0004

مجموعة النسور تنتظر بداية العاصفة

تعليق: تعالوا نصلي

 

0005

"الدماغ" رسم لناست يعكس فيها طريقة تفكير تويد.

0006

تويد وأحد معاونيه يقدمون الرشاوى في الانتخابات  للجمهور (في الأعلى كتب " الخزينة العامة), وفي عنوان اللوحة "تويدلدي وسويدلدام" تنويه إلى التوأمين في قصة أليس في بلاد العجائب.

تعليق: تعالوا نعمي عيونهم بهذه المبالغ، وفيما بعد نأخذ أموالا أخرى؟

 

 

0007

تويد وعصابته بين حطام الـ"توماني هول" وهي جمعية أنشأها الحزب الديمقراطي لمتابعة وتنسيق نشاطاته

التعليق: شيء ما، ينفجر دائما 7 نوفمبر 1871.

 

 

 

 

0008

هناك من يولد كبيرا، وهناك من يصبح كبيرا

هوفمان: من الصعب الجلوس على كرسيين في آن معا، هل تعرف هذا المثل أيها الزعيم؟

تويد: لو طعمك الله حجما مثل حجمي لأستطعت ذلك.

0009

على من تضحكون؟ على المنتصر الذي تعود له هذه النعمة؟

0010

نحن لا نعرف شيئا عن المسروقات "نحيفون جدا" لسنا مذنبين.

0011

الشيء الوحيد الذي يخافونه أو يحترمونه.

" نحن نفترض بصحة الحديث عن أن الإعدام العلني على مرأى من الجمهور عقابا على الاختلاس والسرقة ، هو العقوبة الوحيدة التي تردع هؤلاء، لا الإهانة ولا حتى المنفى يخيفونهم."

"نحن لا نعرف بماذا سينتهي هذا، ولكن إذا كانت حياتهم ستنتهي بسلام واطمئان فإن هذا سيكون ضربة قاسية للأخلاق الاجتماعية والسياسية" الناشيونال"

يبدو أن ناست استفاد في هذا الرسم على مقاطع من مادة منشورة في جريدة الناشيونال حول هذا الموضوع،  والتي وضعها كتعليق على رسمه.

0012

(على المبنى كتب : سجن المدينة)

الجدران الحجرية ليست كافية لسجن "أغنية قديمة"

ليس في مثل هذا السجن يتم حبس الزعيم، من جهة يدخلونه ومن أخرى يخرجونه.

(النبوءة التي تحققت مرتين)

0013

(على النصب كتب : المحكمة العليا)

أمنا  المعاصرة

تاماني شراء الذمم : إنها تنوي عقابنا

قنال تويد: إنها أكثر نكتة مضحكة.

ربما كان فهم التعليق وما هو المقصود بالتسميات يحتاج إلى اطلاع أكثر عمقا على تفاصيل قضية تويد، ولكن ما يهمنا هنا هي الفكرة التي يطرحها الكاريكاتير ومغزاها أن المحكمة العليا المقيدة على مقعد السياسة (كما هو مكتوب) عاجزة عن محاكمة تويد، أو هذا ما يظنه على الأقل، وأن هذا العجز ناتج عن شراء الذمم.

0014

الرسم الأول : ضيع الأثر ( ونشاهد في الصورة كتب القانون وأوراق كتب عليها "قضية تويد")

الرسم الثاني: المقعد الشريف عامودي، هو فوق النقد .

(على المقعد كتب : السياسة)

(على البوابة كتب : محكمة)

0015

هاوي العمى: هل ستستمر هذه اللعبة طويلا؟

(على البوابة كتب :محكمة العدالة)

0016

أوقفوا الحرامي

بمجرد أن يسمعوا صرخة، فإنهم يقيمون الوضع و ينطلقون مع الجمهور صارخين أوقفوا الحرامي كبقية الشرفاء.

(يعتمد ناست في هذا الرسم على مشهد من "أوليفر تويست " لتشارلز ديكنز.)

0017

 

تجارة جملة

ن.إ. خزينة المدينة

و في الدكان

تجارة مفرق

0018

هل يستطيع القانون أن يطاله؟

حرامي قزم وحرامي عملاق.

0019

ما الذي تنوون فعله بخصوص هذا

على اليسار (فارغة) وعلى اليمين (مملوءة)

في الأسفل على اليسار: فارغة للعمال.

في الأسفل على اليمين: السادة الأربعة الذين أفرغوها.

 

 

ولتوماس ناست في هذا الموضوع عدد كبير من الرسوم لا تتسع لا تتسع هذه المادة للحديث عنها جميعها.