غفوة

تأليف: 

غفوة

سنوات طويلة ومتتالية ، سنة تنطح سنة ونساء الحي يحملن فناجين القهوة بأيديهن لاهثين حالمين ، وصدورهم المترهلة تزداد ترهلا وانتفاخا من عجائب ام اسعد ..

سنوات طويلة ومتتالية وأم اسعد في غرفتها المؤلفة من خزانة وسجادة غبراء وكرسي مصنوع من الخيزران تستقبل النساء من كل حدب وصوب ، قارئة ومنجمة ....

هذه السنة بعون المولى يدق باب خطاب لعمرك مت حلمت بكرمه وجماله ، قولي بعون الله ..

غسان إذا ما رجع في أوائل هذا العام فانه حتما سيعود في أواخر الخريف ، قولي بإذن المولى ...

طائر حمام ابيض سيطير إليكم عند بزوغ الفجر حاملا ثروة العمر فأحسنوا لقياه ، رددوا بعون المولى ... إلى ما لا نهاية .. سنوات طويلة ومتتالية وسكان حارتنا يعيشون في حلم ويجترون أقاويل وتنبؤات ام اسعد ومعجزاتها في سهراتهم ...

أم اسعد تفكك السحر وكتابات الشياطين المؤذية ...

أم اسعد بعون المولى تنفخ في بطون العاقرات فينهضن حواملا ...

باختصار لعبت أم اسعد دور المولى المنقذ في حارتنا لسنوات طويلة سنة تنطح سنة . وها أنا اليوم وعلى بعد الاف الأميال يصلني خبر رحيل أم اسعد ، فقد وجدت جثة هامدة في غرفتها السحرية حيث نسجت أقاصيصها ومعجزاتها ، في غرفتها التي خاطبت فيها الملائكة والقدسيين وحفنة من المسؤولين .

كان خبرا مفجعا وما يؤسفني أنني لست بين رواد أم اسعد كي اسمع تحليلاتهم حول معجزة رحيلها ...

 

((شقاء))

 

للحظة خلت أنهيت شراب قهوتي ورحلت مسترسلا في خرائط فنجاني السوداء ، على ما يبدو ان أمامي طريق وعرة ومعبدة بالمفاجآت المفجعة ، وعلى جانبي الطريق عدد من العمالقة الأقوياء ، وهنا المح عبارة نصف دائرية تربط حافتي النهر الهابط من فوهة الفنجان ، وعليها كتاب مفتوح يبدو انه مكتوب باللغة الحميرية ...

في قاع الفنجان هناك يد تلوح لي من البعيد باكية حينا ومزغردة أحيانا ..

آه ................ أم اسعد بشحمها ولحمها قابعة هنا بين رماد القهوة .. لعلها تقرأ شيئا ما ؟؟؟.

مهلا ..... الست أنا اسعدها الراجع من سفر ...

اسعد الذي انتظرته حارتنا والحارات المجاورة ...

مهلا ....  مهلا

البارحة دققت كثيرا بأوراقي الشخصية ، دققت بالأختام الحكومية والتواريخ الحكومية ... فانا لست اسعد الراجع من سفر ولكن قد أكون مزيجا فيزيائيا من معجزات أمه ......