قبل قليل، في الغابة، التي تصاعد البخار من ترابها الذي تسرب الدفء إليه بعد أن انبثقت شمس الصباح، فشكل مستنقعات من الضباب، كنت أسير فوقها كما لو أنني أسير فوق الغيوم، ما جعلني أتخيل أنني أسير في رقعة من الجنة، ويبدو أن خيالي لم يكن منفصلا عن الواقع كثيرا، حيث أن الجنة على ما يبدو كانت في انتظاري، وربما الجحيم، لا أدري، فقد داهمتني نوبة من الخناق جعلت الأكسجين ينحبس عن عروقي، وهذا أمر اعتدته ولا أخشاه، ما دامت تلك العلبة موجودة في جيبي، استليت العلبة من هناك في حركة شبه آلية، وأخرجت منها مظروفا كانت في داخله آخر حبة من تلك التي أضعها تحت لساني عادة عندما تداهمني النوبة، يجب أن اشتري أكثر من علبة، راودتني هذه الفكرة وأنا افقأ المظروف لأخرج منه الحبة، ولكن الحبة وكأنما ليس بها رغبة أن ينتهي مصيرها تحت لساني قفزت من قبرها في المظروف كالمارد الذي تحرر من مصباح علاء الدين، طارت إلى الأعلى قليلا ثم سقطت على الأرض، بحثت عنها، وسرعان ما وجدتها، وليتني لم أجدها....