هل سيقومون بتصفية الدولار وأوباما معاً؟

ترجمة: 

يقول العالم والنائب السابق لرئيس الوزراء الروسي- فلاديمير ليفانوف:  إن مسرحية فيينا، حول سقف الديون الحكومية في أمريكا، وهبوط تصنيفها الائتماني، اختلقت لبث فكرة حتمية إفلاس الولايات المتحدة الأمريكية وانهيار الدولار.

الولايات المتحدة الأمريكية ليست المسؤولة بذاتها عن المصائب القادمة- يقول ليفانوف- بل إن الإفلاس مسؤولية ضمير النبك الاحتياطي، ومجموعة من المصارف الخاصة، التي خصخصت منذ قرن خلا، آلة طباعة الدولار، وحرمت أمريكا من عملتها واستقلالها. يترأس البنك الاحتياطي (المصرف المركزي في أمريكا) سبعة مديرين. يصدق على تعيينهم رسمياً الرئيس الأمريكي. حالة تذكرنا بالعهد السوفياتي، حينما كانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي "تقترح" أسماء أمناء سر اللجان الحزبية في المحافظات.

إذن، نعود لنذكر، بأن أمريكا لاتملك نقدها ولا تصكه. فإن كانت الدولة الأمريكية بحاجة إلى تريليون دولار، توجهت بطلب إلى المصرف الاحتياطي. فيقوم الأخير وبكل سرور "بطباعته" وفرض ما نسبته 2% سنوياً على هذا المبلغ. كل هذه الأرقام بأصفارها المرصوصة، إنما هي في جهاز الكومبيوتر وحسب. حيث يبلغ مقدار العملة المتداولة نقداً في أمريكا 5% فقط. إنه أمر مريح جداً. فبذلك يمكنهم اقتصاد الورق والأصبغة و.. إذن، يربح المصرف المركزي الأمريكي (الاحتياطي) من كل تريليون تطلبة الدولة- 20 ملياراً.

الأشخاص السبعة الذين يديرون البنك الاحتياطي في أمريكا، هم الواجهة، أما الممسكون بزمام الأمور فلا يحبون الإطلالة على الناس وكشف محيّاهم. لنأخذ أهم البنوك- بنك نيويورك- قائمة المساهمين فيه سريّة، لأن هذا البنك ليس مؤسسة للعامة، ولا يخضع لمطالبات لجنة الأوراق المالية والبورصات حول نشر أسماء مساهميه. لا أحد يعرف من هم أصحاب العملة الرئيسة في العالم. لقد قام ليفانوف باستطلاع جميع أسماء ذوي المليارات في العالم للعام 2011، فوجدهم 1210 أشخاص، ابتداءاً من المكسيكي – سليم (74 ملياراً)، ومروراً بأمريكيين كثر، فصينيين وروس. وهناك أوكرايني وكازاخي. فأين أسماء المصرفيين ذائعي الصيت، مؤسسي البنك الاحتياطي الأمريكي: مورغان، وميلوون، وروتشيلد، وكون وليب وفاربورغ؟!

إن أسماءهم غائبة عن القائمة. أيعقل أن يكون الورثة خلال قرن قد بددوا الثروات؟

تم رصد أحدهم فقط- روكفيلير، ذو الست وتسعين سنة - جاء في المرتبة 488 بثروة وقدرها 2,4 مليار دولار- ذاك هو داود الفقير! أمّا ما أثار الحفيظة على وجه الخصوص، فكان غياب عائلة روتشيلد عن هذه القائمة، والتي كانت فكرة خصخصة آلة طباعة العملة الأمريكية من اقترح أحد أسلافها - منظّر فكرة البنك الاحتياطي.

هناك من يقول أن العائلة تشتت وافتقرت. غير أن قائمة أغيناء العالم تنضوي على اسم: أوليغ ديريباسكا (المرتبة 36- بثروة = 16,8 مليار دولار)- أي أن روكفيلير فقير مقارنة به. ملك الألمنيوم في روسيا (ديريباسكا) ولسبب ما، جعل من البارون-  ناتان روتشيلد- عضواً في المجلس الاستشاري الدولي لشركته المختصة بإنتاج الألمنيوم. وأصرّ كذلك، على ضمه إلى مجلس مديري شركة "نورنيكل". علاقة غريبة للوهلة الأولى! رسمياً ناتان هذا، فقير- في حسابه 500 مليون دولار وحسب. لكن بعص الشواهد يشير إلى أن ديريباسكا يهمه أمر البارون "الفقير". إنه من سراة القوم والنافذين، وعائلة روتشيلد لم تندثر، وهو الآن كبيرها. الخبراء يسجلون لهذه العائلة ماقدره: 14 - 16 تريليون دولار – لكن العائلة تحتجب بالظل، بعيداً عن مجلة "فوربس"، تماماً كما باقي ورثة مؤسسي البنك الاحتياطي. إذ المال الكثير يتطلب السكينة.

تم تأسيس البنك الاحتياطي الأمريكي في العام 1913، لأغراض نبيلة: مكافحة الأزمات المالية، والبطالة، وتدعيم وتعزيز الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية. هذا ما كان مسطوراً. فما الذي حدث؟ في ذاك التاريخ، كانت أمريكا مدانة لأوروبا بمبلغ يقل عن 3 مليارات دولار. أما راهناً فأعظم دول المعمورة تغرق في ديونها. حيث يربو دين الولايات المتحدة على 14 تريليون دولار. دين القطاع الحكومي- 61 تريليون، والخاص- 38 تريليون دولار. والدين العام الاجمالي- أكثر من 110 تريليونات. مع أن الناتج القومي لجميع دول العالم لايتجاوز- 70 تريليون دولار.  والحال هذه، بالطبع فإن هذا الدين-  الدين الأمريكي- لن يسدد يوماً. الأمريكيون يعيشون خارج إمكانياتهم. ضف إلى ذلك، أن البنك الاحتياطي قام بإدارة لعبة البورصات في أنحاء العالم. إذ يتم في البورصات تداول أوراق مالية، تبلغ قيمتها تقريباً- 1500 تريليون دولار. وهذه الأوراق مغطاة واقعياً بنسة 1-2% نقوداً فقط. أي أن هناك فقاعة منفوخة هائلة الأبعاد. ولا بد لها من أن تنفجر هي والدولار معاً. القوانين الفيزيائية لم يغيرها أحد بعد.

بضع سنوات وهم يخيفوننا بأن الدولار يكاد ينهار. لكنه يبقى عملة آمنة للمواطنين، كما استحقاقات الولايات المتحدة لبعض الدول. بالتأكيد، فما من بديل آخر. لقد أقنعونا، أو حاولوا، بأنه لا بديل لمبادرة غرباتشوف بإعادة البناء، أو الإصلاحات الليبرالية لغايدار- تشوبايس (رئيس الوزراء الروسي في عهد يلتسين، ورئيس هيئة الطاقة الذي فرضته واشنطن وقتئذ).

والآن نرى خداعهم، إذ نرى المثال الصيني، وبأن البديل كان موجوداً. فأين هي الآن روسيا من الصين؟ رغم أن الأخيرة انطلقت بمؤشرات أسوء من روسيا. لقد باتت روسيا، خلال ربع القرن الأخير، مستعمرة خامات للغرب. أما الصين فتتعقب الولايات المتحدة، بل تدوس على أكعابها.

والآن، الجميع يصرخون ، ببديل عن الدولار. فالاحتكار انتهى والهرم يتصدع. قد يسلم الدولار بعض الوقت، إن أفلحوا بافتعال حرب واسعة النطاق. لإنها تشطب جميع الدين. فحينما يلتهب العالم ويحترق ويقضي الملايين من الناس، ويُفضل عشرات الملايين، قد ينبري البنك الاحتياطي بالقول: واحة الهدوء الوحيدة- هو الدولار، وأوراقنا المالية. هكذا بالضبط، ضاعف المصرفيون تراكماتهم المالية إبان الحرب العالمية الأولى والثانية، من خلال إقراض دول أوروبا المتصارعة. والحق، أن ما من حمقى يلوحون بحرب عالمية ثالثة- فهي خطر عظيم على الجميع. وبذا يبقى لدى البنك الاحتياطي وسيلة واحدة لاغير: اللجوء إلى استفزاز فوق العادة، يفوق أبعاد الحادي عشر من أيلول 2001، ويكون أشد فظاعة على العالم بأسره. لكن مايزال راهناً، باستطاعتنا النوم بهدوء. أكثر الظن أنهم ينتظرون أحداث عدة في العام القادم.

لكن، ما الذي سيحدث في العام 2012 المقبل، فيما عدا نهاية العالم في أيار (حسب بعض التكهنات)؟

-         الانتخابات الرئاسية في روسيا، مثلاً. أفيعقل أن تشكل انتخابات الرئاسة الروسية أهمية للبنك الاحتياطي؟ في الواقع، إن ترتيب موازين القوى العالمية، يفرد لروسيا المرتبة الرابعة. بعد أمريكا (مجتمعة مع بريطانيا) فالصين وأوروبا. إنها الحلقة الأضعف- أي روسيا. وفي الوقت عينه، تمثل "السهم الذهبي". من يستحوذ عليه- سيصبح مالكاًً للعالم. حتى جغرافياً، بغض النظر عن الثروات الروسية. لننظر إلى الخارطة. إذ ترتبط روسيا بأوروبا- تمتد الساحة الأوروبية إلى سيبيريا، وإن اتحدت مع الصين، تصل الأخيرة إلى البلطيق، وإذا ذهبت نحو أمريكا- فالأمر واضح دون تعليق.

-         فهل هذا احتمال وارد؟ ألم تسمعوا بمبادرة – بروخوروف- الذي يستعد للوصول إلى مقعد الوزير الأول وتوحيد روسيا مع أوروبا؟ المحللون السياسيون يرون أنها مجرد أصداء للحملة قبل الانتخابية. إذ وعد جيرينوفسكي (زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي) قبله بتأمين رجل لكل امرأة روسية، وغسل أحذية الجنود الروس في المحيط الهندي. أجل، إن جيرينوفسكي رجل استعراض، لكن بروخوروف إنسان جدي. فإن يرى نفسه رئيساً للوزراء، مع رئيس بعينه. لا نستبعد أن البالون الذي أطلقه حول الاتحاد بأوروبا، قد تم نفخه مع رئيس روسيا المستقبلي.

-         انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، ستجري في تشرين الثاني 2012. وهي بالذات قد لا تحصل. فليس محض صدفة أن يتم راهناً، في الولايات المتحدة الأمريكية عن سبق إصرار، تأزيم العلاقات مع باكستان، خاصة لاستثارة غضب أكبر ضد الأمريكيين. إنهم على ما يبدو، يهيئون الرأي العام  لتهديد نووي في الولايات المتحدة. وعلى الأغلب سيكون الانفجار جهة البيت الأبيض في واشنطن. هذا الانفجارالجهنمي، سيكتم صخب هرم الدولار المتهاوي، وتصدع الفقاعة الصابونية. وإذا افترضنا أسوء السيناريوهات، فإن العالم سيكون مصدوماً بالكارثة الفظيعة- موت الرئيس الأسود الأول لأمريكا والحائز على جائزة نوبل – أوباما. (لا قدر الله بالطبع. لكنه قد تم التحضير بالفعل لمحاولات اغتيال). ثم يطلعون علينا للإعلان بضمير مرتاح، أنه بجريرة هؤلاء الإرهابيين فإن الولايات المتحدة الأمريكية مضطرة للتخلي عن الدولار كعملة، ويشهرون الإفلاس. بيد أنهم سيعدون بتسديد الديون العالمية، خلال 50 أو 100 عام مقبلة.

-         أما لجهة حساباتهم الداخلية، فسيصدرون أوراق من فئة الـ 100 دولار "زرقاء"، قد تمت طباعتها في الربيع الفائت، أو عملة "أميرو" المزعومة. ألم يعلن الرئيس نيكسون منذ أربعين سنة خلت، عن فك ارتباط الدولار بالذهب، نظراً لتمرد ديغول؟!  وألم يعلن روزفلت في العام 1933 للشعب، إنه بسبب الركود العظيم، مضطر لإلغاء تداول النقود الذهبية، وتحديد الدولار الورقي عملة وحيدة في البلاد؟! أتراه يعيد التاريخ نفسه؟

"كومسمولسكايا برافدا" العدد 160 – 25 آب 2011