الليل الأخير

تأليف: 

أتذكرينَ

آخرَ ليلٍ بيننا؟

حينَ جئتِ

تحبِسينَ في عينيكِ ملحَ البحرِ

وفي الصدرِ

 تُخفينَ ليلا حالكا

وعصفورا حزين .

ورغمَ الصمتِ الدامسِ

 في الروحِ والأحداقِ والشفتينِ،

كيف أني بأمِّ العينِ

رأيتُ رغبتَكِ الدفينةَ

بأنْ يأتي علاء الدينْ

ليمسحَ  المصباحَ

فيخرجُ الماردُ المحبوسُ فيكِ

منذُ آلافِ السنينْ.

وكيفَ أنّي،

 نزولا عند ابتهالِ الدمِ

في الشرايين التي

في أوصالكِ انتفضتْ،

صرتُ اغراضَ الحكايةِ كلَّها:

مصباحَكِ السحريَّ

والماردَ المحبوسَ فيكِ

وراحتي علاء الدينْ،

وصرتُ بساطَ الريحِ

الذي طارَ بكِ

فوق اضغاثِ الرعايا الخاشعينْ

بعيدا عن فيلقِ الجدرانِ والأقفالِ

والحرسِ المدججِ بالعُتْهِ الخزينْ،

وكيف صرتُ في الأعالي ساحرا

نثرتُكِ في الجوِّ

مثل ذراتِ الطحينْ،

ثم ارديتُ خلاياكِ

بين كفيّا عجينا

وخبزتكِ فوق أضلاعي

رغيفا للقلوبِ الجائعين

وصنعتُ منكِ اقمارا

لأحلامِ العذارى

ونجوما

لدوربِ التائهينْ

وجعلتُ شعركِ في الريحِ

موسيقى على انغامها

يتأرجح الفجر،

والآهُ التي انسابتْ

منْ حنايا صدركِ

أعلنتُها أنشودةً للعاشقينْ.

ففرحتِ،

واخترقتِ فرحاً،

 جدارَ الصمتِ

فاهتزتْ نوافذُهم

وأعلنتْ شاشةُ الرادارِ

عن رصدنا في قبلةٍ موصوفة

أعمت عيونَ الحاسدينْ،

فضُممنا لصفوف الآثمين،

وأطلق الحراسُ

على اجنحتي الرصاصَ

فتناثرَ في الهواءِ دمي

وترنحتْ حولي السماءُ

وخانَ صدري الأوكسجينْ.

وقبلِ أنْ أذرفَ الرمقَ الأخيرَ،

أودعتكِ غيمةً

هرعتْ لنجدتِنا هناك

فطارت بك بعيدا

خارجَ المدى المجدي لشرعِ الطين

وأنا هويت على السفوحِ،

وتبخرتْ مع شروقِ الشمس

 روحي.

ومنذُ ذاك الحينْ

كلما مرتْ سحابة

تمطرُ فوقَ قبري

ياسمينْ.