تمثال الحرية (هل حسن حظه هو الذي ساقه من بور سعيد إلى نيويورك؟)

تأليف: 

تمثال الحرية هو واحد من أشهر التماثيل في العالم، يعتبره البعض رمزا لمدينة نيويورك، والبعض الآخر رمزا للولايات المتحدة، وغيرهم رمزا للحرية والديمقراطية،   البعض من باب التحبب يسميه " الليدي حرية".

 

 

لقطة بانورامية يظهر فيها برجي التجارة عام 1976

 وهذا التمثال هو هدية قدمها الشعب الفرنسي للشعب الأمريكي بمناسبة الذكرى المؤية للثورة الأمريكية، ولكن يمكن القول بانه تمثال أممي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فباسمه يرتبط اسماء دول متعددة (الولايات المتحدة ، فرنسا ، مصر، روسيا والمانيا) واسماء شخصيات بارزة وتاريخ حافل  سنتعرف على بعض منه  باختصار في السطور القادمة.

 

 

أثناء افتتاح التمثال بعد أعمال الصيانة والترميم 1986

 يتموضع تمثال الحرية على جزيرة تسمى ارض الحرية بحسب الترجمة من الانكليزية، ولكن الكثيرين يختصرون فيسمونها جزيرة الحرية، وهي تبعد بمقدار ثلاثة كيلومترات تقريبا إلى الجنوب الغربي من نيوورك، على الطرف الجنوبي لمانهاتن، وقد كانت الجزيرة قبل عام  1956 تسمى جزيرة بيدلو، ولكن الناس منذ بداية القرن العشرين كانوا يسمونها جزيرة الحرية مما حدا إلى تبديل الاسم في الخمسينات كما اراد الجمهور إن صح التعبير.

 

 

لقطة من جزيرة اليس 1930

 تمسك الهة الحرية في يدها اليمنى مشعلا، وفي اليد اليسرى تحمل لوحا كتب عليه بالأرقام اللاتينية تاريخ استقلال الولايات المتحدة ( 4 يوليو 1776)، و وتضع الهة الحرية إحدى رجليها على كومة من القيود المحطمة, وللوصول إلى تاج تمثال الحرية على الزائر ان يصعد 356 درجة، او 192 درجة للوصول الى أعلى قاعدة التمثال، في تاج التمثال يوجد 25 نافذة  ترمز الى الأحجار الأرضية الكريمة وأشعة السماء التي تنير العالم، اما الشعاعات السبعة المنبعثة من التاج فترمز إلى البحار السبعة والقارات السبعة (بحسب التصنيف الجغرافي الغربي).

تطلب صب التمثال الى 31 طنا من النحاس، أما الوزن الشامل لهيكله الفولاذي فيبلغ 125 طنا، وأما قاعدته الاسمنتية فيبلغ وزنها 27 الف طن، وتبلغ سماكة القشرة النحاسية للتمثال 2.7 مم.

ويبلغ ارتفاع التمثال حتى نهاية المشعل 93 مترا بما في ذلك قاعدته، أما ارتفاع التمثال عن سطح القاعدة فيبلغ 46 مترا.

 

ترميم المشعل اثناء اعمال الصيانة 1984

 صنع التمثال من صفائح نحاسية رقيقة سكت في قوالب خشبية، ثم تم تثبيتها فوق الهيكل الفولاذي للتمثال.

ويعتبر التمثال مفتوحا للسياح الذين يأتون اليه على متن عبارة تنقلهم الى الجزيرة ويصعدون على الدرج إلى اعلى التمثال حيث يطلون من نوافذ تاجه التي ذكرناها سابقا على منظر بانورامي لمدينة نيويورك، وفي قاعدة التمثال يوجد متحف يحتوي على معرض لتاريخ التمثال ويتم الصعود إليه بمصعد كهربائي.

 

الزوار يلقون نظرة على نيويرك من قلب التمثال 7 ايلول 1976

 كلف بتنفيذ تمثال الحرية النحات الفرنسي (فريدريك اوغست بارتولدي)،  وقد تم تخصيصه كهدية بمناسبة  الذكرى المئوية لتوقيع وثيقة الاستقلال الأمريكية، وقد قام النحات باستخدام امرأة جميلة (موديل) لنحت التمثال، ويقال انها (ايزابيلا بوير) ارملة  الأمريكي (اسحاق سنجر)، مخترع ماكينة الخياطة الشهيرة (سنجر).

 

المشعل الجديد المذهب 1985

 ولم تكن نيوورك هي الوجهة الأولى لتمثال الحرية، فقد كان من المفترض أن ينصب التمثال في مدينة بورسعيد المصرية، وكان من المفترض ان يكون اسمه  (نور آسيا)، ولكن الحكومة المصرية في ذلك الحين قررت أن التكاليف الباهضة لنقل الهيكل الفولاذي من فرنسا وتركيبه، هي ترف يفوق طاقاتها المالية، وتخلت عن الفكرة، وربما يكون حسن حظ التمثال هو الذي جعل الحكومة المصرية  تتخلى عن الفكرة حينها،  فما يدرينا ماذا كان سيحل بالتمثال لو ان قدره ساقه إلى بور سعيد، حيث هي مدينة قريبة من خطوط النار وكانت ساحة قتال اكثر من مرة، هذا اذا لم يسخر للتمثال مجموعة اصولية تقطع رأسه، أو تنسفه من قاعدته، كما فعلت مع بوذا وابو العلاء وغيرهما الكثيرون.

 

1875 الانتهاء من عملية التحضير تحت قيادة فريدريك أوغست بارتولدي

 وكما عجزت الحكومة المصرية في ذلك الحين عن القيام بتكاليف النقل والتركيب فقد اعلنت حكومتا الولايات المتحدة وفرنسا عجزهما ايضا عن القيام بالتكاليف، وقد كان الاتفاق بين الحكومتين ان تقوم فرنسا بالنقل والتركيب وتقوم الولايات المتحدة بتجهيز القاعدة.

 

قسم من اليد اليمنى كما تظهر من نافذة في التاج

 العجز المالي دفع منظمات المجتمع المدني للقيام بنشاطات جمة من اجل جمع التكاليف، واضافة إلى التبرعات في كلا البلدين فقد تم تنظيم كافة اشكال النشاطات المالية التي سخر ريعها لهذا الغرض، فنظمت المعارض وسحوبات اليانصيب والحفلات وبرامح التسلية واللهو وحلبات الملاكمة والمصارعة وكل ما يخطر في بال، وكان المردود من جميع هذه النشاطات يذهب من اجل نقل وتركيب التمثال، الى أن جمع مبلغ 2.25 مليون فرنك، وفي امريكا تجاوز المبلغ المليون دولار واستمرت الحملة حتى نقل التمثال.

 

الألعاب النارية في مانهاتن عام 2000

 ومن اجل نقل التمثال فقد طلب النحات برتولدي مساعدة مهندس مختص لحل معضلة نقل هذه الكتلة الفائقة الضخامة عبر المحيط، وقد وقع على المهندس (غوستاف ايفيل - الذي بنى برج ايفل الذي يحمل اسمه فيما بعد)  وقد قام (ايفيل) بوضع التصميم الذي يضمن سهولة نقل التمثال والحفاظ على القشرة النحاسية، وكلف زميله المهندس المعروف انذاك (موريس كيهلين) بتنفيذه، ويذكر ان النحاس المستخدم في صناعة الغطاء قد جلب من روسيا ومصدره هو مناجم النحاس في (جمهورية بشكرتستان حاليا)، ويوجد فرضية عن سك الصفائح في مصنع آخر في سيبريا. كما تجدر الاشارة كذلك إلى ان الاسمنت المستخدم في صب القاعدة هو أسمنت الماني من معمل ديوكيهوف.

 

أعمال الصيانة والترميم للتمثال 1984

 وقد تم التوقيع الرسمي على قرار تحديد المكان في جزيرة بيدلو  في الكونغرس  عام  1877، اما المكان فقد اختاره الجنرال الأمريكي (ويليام شيرمان) بعد الأخذ بعين الاعتبار رغبة النحات، وقد كان على الجزيرة قبل ذلك بالأصل حصن له شكل نجمة.

 

ناقلة "كوين ماري" في أول زيارة لها إلى أمريكا

 في عام 1885 تم استكمال عملية جمع تكاليف قاعدة التمثال، التي وضع تصميمها المهندس الأمريكي (ريتشارد موريس هانتوم) و وضع حجر الأساس لها في الخامس من أغسطس – آب من العام نفسه. وانتهى البناء في 22 نيسان من العام 1886 .

 

المشعل الجديد المذهب 1985

 انتهى الفرنسيون من بناء التمثال في يوليو 1884، و وصل الى نيويورك في يونيو 1885 على متن الفرقاطة الفرنسية (ايزيري) ، ومن أجل نقل التمثال تم تقسيمه الى  350 قطعة تم نقلها في 214 صندوق ( يد التمثال اليمنى التي تحمل المشعل والتي كان قد تم الانتهاء منها سابقا، كانت تعرض حينها في معرض في فيلاديلفيا، وتم نقلها لاحقا إلى نيويور)، وقد استمر تركيب التمثال اربعة اشهر،  وفي 28 تشرين الأول – اوكتوبر تم الاحتفال الرسمي بافتتاح التمثال، وقد القى رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت (كليفلند) كلمة الافتتاح،  وكان قد مر عشر سنوات على الذكرى التي قدم هدية بمناسبتها. وها قد مر الآن على افتتاح التمثال ما يقارب القرن والنصف قرن، ويبدو انه سيبقى راسخا في مكانه إذا لم تمتد اليه يد الكوارث الطبيعية، او  الحروب .

 

 

من اليسار 1876 ومن اليمين 1880

 

 

القدم اليمنى أثناء عمليات الصيانة 1984

 

 

 

11 ايلول سبتمبر 2011

 

 

متابعة العمل شتاء عام 1882

 


عملية نقل شاتل إلى المطار في 27 نيسان (ابريل) 2012

 


ذكريات الزوار على الجدران لقطة من عام 1946

 

نهاية أعمال الترميم 1986

 

 

حفل الافتتاح في نيويورك 28 تشرين الأول (اكتوبر) 1886

 

 

تمثال الحرية يودع باريس 1886

 


نظرة من الداخل اثناء اعمال الصيانة 1984

 

 

الزوار يطلون من تحت التاج، لقطة تعود لـ 26 تشرين الأول (أوكتوبر) 1946

 

 

النوافذ داخل التاج لكي يطل منها الزوار 2009

 

لقطة أثناء العاصفة في 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2011