لو على الخازوق

تأليف: 

(يحب الكبرة ولو على الخازوق)، مثل شعبي يعرفه الجميع، و(يكبر ز.. بشراطيط) مثل آخرتردده الفئة البذيئة من ابناء أمتنا التي يدور الحديث هنا عن ابنائها، ولكي لا يكون المثل غامضا أو غير مفهوم نوضحه وليسامحنا من لا يحب البذاءة، فالمثل يقول إن الرجل لكي يدعي الفحولة  يقوم بلف الخروق على ذلك الشيء الذي يخفيه تحت بنطاله لكي يبدو كبيرا (يكبر ز.. بشراطيط).

فترى الرئيس مثلا، الخالد المفدى الحكيم وبطبيعة الحال البطل، وعلى مبنى نقابة المعلمين ترى صورته وقد كتب عليها المعلم الأول، وعلى نقابة المهندسين تجده المهندس الأول كما تقول العبارة التي تحت صورته هناك، وهو حتى إن كان مدنيا تجده يحمل أعلى رتبة عسكرية فيحصل على رتبة فريق مثلا أو مشير أو مهيب أو رتبا أخرى لم يسمع بها أحد، دون أن يمر بجميع الرتب التي تحتها، وغير ذلك من الألقاب التي يمنحها الدكتاتور لنفسه أو تمنحه إياها حاشيته ويستمتع هو بها، وهذا أمر تعرفه الشعوب العربية جيدا ولا داع لشرحه لها.

ولكن غير المفهوم هو سعي الفنانين لذلك فقد سادت في فترة السبعينات والثمانينات من القرن العشرين عبارة كنا نراها تحت صور بعض الفنانين في اللوحات الاعلانية تقول (الفنان الشامل فلان الفلاني) وعانيت طويلا في ذلك الوقت حتى استطعت أن افهم ما هو المقصود بالفنان (الأونيفرسال)، فهل هو مثلا يدوي واتوماتيك؟ يرمي رشا ودراكا؟ إلخ.. ولم أتمكن من فهمها حتى شرحها لي شخص فهمان (يزيه الخير) فتبين أن الفنان الذي يسمى شاملا  هو مثل خلاطة المولينكس يغني ويمثل ويرقص وغير ذلك من الفنون، بكلام آخر (مسبع الكارات قليل البارات) وقبل أن نبتعد عن الفنان الشامل اذكّر فقط بأن هؤلاء الفنانين الذين كانت تكتب هذه العبارة تحت أسمائهم، لم يبرز أي منهم فيما بعد في أي من الفنون التي شملتها مواهبهم الفذة.

النغمة الأخرى التي درجت ولا تزال دارجة هي (الفنان العالمي) وهذه درجت بشكل خاص في أوساط الرسامين والممثلين، فنرى ممثلا يشارك في فلم أو مسلسل أجنبي مرة أو ربما مرتين، فيصبح الحديث عنه مرفقا بهذه العبارة (الفنان العالمي علنتان العلنتاني) أو رسام يشارك في معرض دولي بلوحة، أو تنشر له إحدى الصحف الأجنبية رسما ما فيتحول إلى فنان عالمي كما يعبرون عنه، رغم انك مهما قرأت فلن تجد هذه العبارة قرب اسم اشهر فناني العالم بكافة أنواعهم، هي موجودة فقط عند السورييين وجيرانهم، وهذا أمر طبيعي فهم شعبين بفرد لباس، أكثر شيء اضحكني هو عبارة قرأتها مرتين عن فنانين سوريين في فترتين مختلفتين، ذكر فيها أن الفنان الفلاني (من العشرة الأوائل في العالم )، فلم أتمالك نفسي ووجدتني اردد اوتوماتيكيا عابرة مصرية تقول ( يا ابن الإيـــــــــــــــــــــــه!!!!)، من الذي يوزع الجلاءات في الفن؟

والأنكى من ذلك أن هؤلاء الفنانين مثلهم مثل الديكتاتور يصدقون تلك الألقاب التي تسبغ عليهم، فيبدأون بالتصرف وكأنهم نجوم ( في فرنسا مثلا) بينما لا أحد يعرفهم  أو يسمع بهم هناك.

أذكر مرة أثناء إقامتي في الهند وكان صديقي (شاران) يعمل في حقل التدريب على ركوب الخيل في ناد للفروسية وشاهدني مرة وأنا ارسم حصانا فدعاني للمشاركة بذلك الرسم في معرض تقيمه جمعية تربية الخيول في بومباي فوافقت من باب المجاملة، رغم سوء الرسم الذي نفذته، وبعد فترة قرأت في صحيفة هناك عن معرض دولي تقيمه الجمعية المذكورة للخيول فعلمت أنه المعرض الذي اشارك فيه وشعرت بشيء من الامتعاض لأن (شاران) لم يخبرني بأنه دولي، فسوريا بسبب لوحتي ستبدو الأضعف بين الدول المشاركة، وعندما قابلت (شاران) حين اتفقنا على اللقاء للذهاب سوية لزيارة المعرض، عاتبته لأنه لم يخبرني، فقال لا يوجد أي دول مشاركة في المعرض، أنت الأجنبي الوحيد ولهذا السبب تحديدا صنف المعرض على أنه دولي.

هكذا إذن؟ أنا الذي منحت المعرض صفة الدولية، شعرت بنفسي بعد أن علمت بذلك انني (الشراطيط) التي كبر بها الأخوة الهنود في جمعية الخيول ذلك الشيء الذي من غير اللائق ذكر اسمه في ألأدبيات.

-         هيا بنا.

دعاني (شاران) لكي ننطلق في طريقنا إلى الجمعية، فقلت له إنني لا أرغب في الذهاب، وعندما سألني عن السبب صارحته:

-         سقط المعرض من عيني.