لامبالاة ( صورة صغيرة من فصل واحد )

تأليف: 

فراغ ..... وفي وسط الفراغ شخصان جالسان ظهرا لظهر، هي تلف نفسها ببطانية سميكة وهو يرتدي سترة عادية ولم يستديرا وجها لوجه ولو لمرة واحدة.

هو ـ (بهدوء) لقد سمعت في مكان ما أن العالم بلا نهاية ما هو رأيك؟ هل هذه حقيقة؟

هي ـ (بصوت ذو وتيرة واحدة) إنني أشعر ببرد شديد.

هو ـ (بابتهاج) تخيلي أن مدينتنا هي ليست إلا نقطة صغيرة على الخريطة وكوكبنا عبارة

        عن جزيء من الغبار في المجرة اللامتناهية. إن هذا الأمر يأسر الألباب.

هي ـ (بصوت ذو وتيرة واحدة) آه .. يداي تجمدتا.

هو ـ يحرك يديه حركات إيمائية. لا أحد فكر سابقا بالنجوم والمجرات والثقوب السوداء.

      إنهم عاشوا غارقين في جهالتهم حتى أنهم لم يعرفوا كم هذا العالم عظيم ورائع. هل

       تسمعيني؟ إنهم لم يعرفوا.

هي ـ (بذات الصوت) إنني أتضور جوعاً ولا أتذكر متى آخر مرة أكلت.

هو ـ (بسرور) كم من العجائب يخفي هذا العالم في نفسه وكم من الأسرار والألغاز! إننا

       نطير في الفضاء وقريبا جدا سنطير حيث النجوم والكواكب المجهولة لسبر أغوار هذا

       الوجود اللامتناهي وكشف أسراره.

هي ـ (بصوت متقطع) إنني جائعة جدا. سأموت من شدة الجوع.

هو ـ (عيونه تقدح شررا) إنك لم تستمعي إلي مطلقا، انظري إلى هناك إلى الأعلى حيث

        تلمع النجوم هناك قلبي وبيتي!

هي ـ (بصوت ذو وتيرة واحدة) قدماي تؤلمانني كأنما يلدغني ملقط حديدي متوهج.

هو ـ كم هو الإنسان مبدع! قبل مائة عام، لم نستطع حتى التفكير بذلك، فكم من الأشياء

      الرائعة تم اكتشافها من حولنا؟ لقد كنا ننظر في داخلنا فقط، ولم نلاحظ أن أمام أنوفنا

       روائع عظيمة، وكل ما في الأمر عدة عقود من الزمن، جيلين أو ثلاثة، وتصبح القبة

      السماوية كلها تحت سيطرتنا، بالإضافة إلى البحار والطاقة النووية! تصوري فقط عظمة

      طاقة الذرة!

هي ـ (بصوت متحشرج) على ما أعتقد أنني سأموت.

هو ـ (يلوح بيديه ويطلق صوته مبتهجا) سيمر بعض الوقت وسيصبح كل هذا الكون اللامتناهي بأسراره وعجائبه، وكل هذه العظمة، مختبرا واحدا كبيرا في يد الإنسان، ابتداء من البروتون والنيترون وانتهاء بالثقوب السوداء. كل هذا سيصبح شيئا مألوفا وعاديا

       كما هذا القاع وهذه المدينة كما أنا وأنت! ولن يكون هناك شيئا في هذا الوجود لا

       يستطيع الإنسان التحكم به. ولن يبقى لغزاً لا يستطيع الإنسان حله وكل شيء سيصبح

      في يديه كالعجينة المطيعة يشكلها كما يريد! (بصوت عال) على مدى عصور

     عديدة ونحن تابعون لظواهر الطبيعة، نخاف منها، ولا نستطيع تفسيرها. فقط الآن،  أصبحنا قادرين على تطويع الطبيعة وأصبحنا أذكى منها. هل تسمعينني؟ هذا يعطيني الأمل!

     وكأن لي جناحين على ظهري، هل تسمعينني؟ (يضربها بكوع يده) لكنها تجلس بلا

     حراك باردة ترتكز على ظهره جاحظة العينين لا تتنفس. هل تسمعينني هل تسمعيني؟.