جديد مقاهي الكورنيش

سنوات طويلة ومتتالية ، سنة تنطح سنة ونساء الحي يحملن فناجين القهوة بأيديهن لاهثين حالمين ، وصدورهم المترهلة تزداد ترهلا وانتفاخا من عجائب ام اسعد ..
سنوات طويلة ومتتالية وأم اسعد في غرفتها المؤلفة من خزانة وسجادة غبراء وكرسي مصنوع من الخيزران تستقبل النساء من كل حدب وصوب ، قارئة ومنجمة ....
هذه السنة بعون المولى يدق باب خطاب لعمرك مت حلمت بكرمه وجماله ، قولي بعون الله ..
غسان إذا ما رجع في أوائل هذا العام فانه حتما سيعود في أواخر الخريف ، قولي بإذن المولى ...
طائر حمام ابيض سيطير إليكم عند بزوغ الفجر حاملا ثروة العمر فأحسنوا لقياه ، رددوا بعون المولى ... إلى ما لا نهاية .. سنوات طويلة ومتتالية وسكان حارتنا يعيشون في حلم ويجترون أقاويل وتنبؤات ام اسعد ومعجزاتها في سهراتهم ...
أم اسعد تفكك السحر وكتابات الشياطين المؤذية ...
أم اسعد بعون المولى تنفخ في بطون العاقرات فينهضن حواملا ...

هي الشجرة التي ذاع صيتها حتى باتت رمزا من رموز هذا البلد ، انها شجرة القات، ومن لم يسمع بقات اليمن فكأنه لم يسمع بهذا البلد أبدا.
شجرة تغري بأوراقها الخضراء اهل اليمن منذ قرون طويلة، جاءت من ارض الحبشة واستقرت هنا وتكاثرت الى ان بات لها مللا وأفخاذا، تراها في كل مكان على قارعة طريق فرعية وفي باحة المنزل وبالقرب من النافذة نعم كيفما نظرت تراها متمايلة بأغصانها الرقيقة وكأنها تناديك لجلسة طويلة، تلك الجلسة التي باتت لغالبية اهل اليمن تقليدا وتراثا، فاجلس وخزن لعل وعسى ....

تعالي ..
نمارس الريح
وبعض الربيع الذي
يجعل النار عريانة في أضالعنا ..
نعطّر من رئتينا جرار النبيذ..النبيذ
تعالي
فالوقت لا يتسع إلا
لريحين
أنت
وما تبقى مني ِ

تمضي الايام
وتمضي السنوات
وتمضي التواريخ والأسماء
وانا هنا كما شاء لي الخالق
تجمدت أطرافي وغالبية اجزاء عقلي
انا هنا اراقب عقارب الساعة تلسع لحظات عمري واحدة تلو الاخرى
انا هنا ومصائب الكون وما قبل الكون وما بعده ألقى بها الزمن فوق راسي
انا هنا كما شاء لي الخالق وامرأة تافهة عبرت بلحظة تافهة في نزوة تافهة فقلبت كل قوانين الطبيعة وأحدثت زلزالا في عمق ذاكرتي ومنذ ذلك الحين وتسونامي ثائر في داخلي ، يطاردني برا وبحرا وجوا ، وأنا كما شاء لي الخالق مجمد الاطراف ، هارب دونما وجهة ابحث عن مركب يعيدني الى أحضانك.
تغير مجرى عمري واسمي ولوني وصوتي، تغيرت أبجديتي ورائحة شعري وطعم شعري تغيرت كل الوجوه التي ألفتها، كل الوجوه التي أحببتها، باختصار كل شيء بقدرة قادر تغير إلا انت.

رفوتُ فؤادي كثيراً

وما زال يُثقَبُ في كلِّ يوم

وما زلتُ أرفو...

ومازلتُ أطفو على سطحِ كُفْري

ومازلتُ أغفو على صدر جُرحي

وشيطانُ نومي يظلُّ يُطاردُ أحلامَهُ!..

سأختارُ وجهاً يُقابلُ وجهي

إذا ما جلستُ على ضفّةِ النهر

والنهرُ يبحثُ عن مائهِ تحتَ عرش الإلهِ..

من مطار الى اخر
من سفر الى سفر
طائرة تأتي وتقلني وأخرى تتأخر عن موعدها
امرأة تعلن الغاء الرحلة
وأخرى تعلنها في موعدها
من مطار الى اخر
من بلد الى اخر
من قارة الى اخرى
أمضيت الكثير من سنوات عمري معلقا ما بين الارض والسماء
من مطار الى اخر من سفر الى اخر
تركت اثري في تسعين مطارا
على امتداد العالم
رحلة انتظرتها ليوم كامل وأخرى لساعات طويلة وثالثة لم تخل بموعدها
جاءت في موعدها كامرأة تحلم بلقاء رجل وفي نبيل
بعد ان اذاقها مئة رجل طعم الخيانة
جاءت في موعدها
دون ان ينتابها ادنى شك بأنني حامل الرقم الاول بعد المئة
من سفر الى سفر
من حضن سمراء لم تسمع بالعرب يوما الى حضن شقراء روسية تعشق العرب
من حضن حبشية الى حضن لاتينية
أتنقل انا

اليك يا امرأة لم ألتقها بعد وربما لن التقيها
اليك كل التعابير الرقيقة المفعمة ببلاغة اللغات كلها
كل التعابير الصادقة التي خطرت على بالي والتي لم تخطر بعد
نعم انا لم التقك بعد لكن القدر شاء لي ان التقي الكثيرات من اخواتك
حاولت ان احب إحداهن والأصح كلهن
حاولت مرارا وتكرارا
لكن القدر شاء لي مجددا ان أبقى ضائعا في البحث عنك بين مفرداتهن
فليشهد الله كم حاولت
ولتشهد السماء كم انتظرت ان تدخل واحدة منهن الي قلبي دون استئذان
ان تكسر كل حواجز قلبي وتعقيدات وجودي وجنوني وتدخل دون استئذان
فانا ابحث عن امرأة تشاركني مشاعري شعرا وأحلامي يقظة ووجودي حبا
ابحث عن امرأة لا تسمع الشعر لأنني اريدها ان تكون جامعة لأوزان الشعر
ابحث عن امرأة لا تسمع الموسيقى لأنني أريدها ان تكون النغم
ابحث عن امرأة لا تؤمن بالحب لأنني أريدها ان تكون الحب
أريدها ان تكون وردة صباحاتي ورائحة قهوتي ودخان سيجارتي
أريدها ان تكون كاس النبيذ المسائي كل ما طال عمره كبرت قيمته
أريدها ان تتسلل الي صدري بثوب مصنوع من صوت وكلمات ام كلثوم
أريدها ان تجسد فعلا لا قولا فلسفة ( ومن الحب ما قتل )

هي تونس بعد عام على ثورتها التي أشعلت بشرارتها ميدان التحرير في القاهرة وساحة الحرية في طرابلس الغرب وشارع الستين في صنعاء وطال لهيبها درعا في بلاد الشام والمنامة في خليج العرب والحبل على الجرار كما تقول الشعوب ( بإذن المولى عز وجل ) و ( لا سمح ولا قدر ) يقول الزعماء وحواشيهم .

بعد عام على الثورة التي باتت رحما خصبا لثورات عرب خدرتهم شعارات قومية وثورية ووثنية لعقود طويلة ، بعد عام ها أنا في تونس مجددا ولم يتغير الكثير فالوجوه نفسها والشوارع نفسها وأهل تونس على حالهم ، ولكن الاهتمامات والأولويات تبدلت على ما يبدو ، وأحلام ثورة الحرية يبدو انها انكفأت قليلا فها هو السائق والتاكسي على حالهما ، لكن قليلا من التجاعيد قد غزت جسد التاكسي وبدا لي انها لن تصمد للقائي في العام القادم فاقترحت على امجد ان يخضعها لعملية تجميل . امجد على حاله ايضا ينتقى العبارات بلغة ممزوجة ما بين العربية والفرنسية في محاولة ليبرر لي لماذا توقف النزق الثوري في تونس ولماذا لم يعد غاضبا كما كان في العام الماضي عندما كان يردد صبيحة كل يوم على مسامعي سنغير تاريخ تونس ونصنع مستقبلها ، لن نخرج من الساحات ولا من شارع الحبيب بورقيبة إلا الى فضاءات الحرية وسنكون أساتذة لإخواننا العرب في كيفية بناء بلد ديمقراطي حضاري على انقاض نظام بن علي العفن ، نعم لم يتغير امجد بالشكل خلال عام لكن مضمونه تغير ورائحة الثورة التي كنت تفوح من جلده تغيرت وعيناه فقدتا بريقهما الثوري ، ذلك البريق الثوري الذي كنت اراه في بيروت ثمانينيات القرن الماضي .
بدا امجد وكأنه يعيد حساباته وينتقي كلماته واحدة تلوى الاخرى ، حرفا حرفا ، لكن خيبة أمله من مشهد غرق التونسيين في بحر الشعارات الانتخابية لم يستطع ان يخفيه فبدا وكأنه يتعثر بكلماته من كثرة محاولات التبرير التي لم تمكنه من اقناعي ان تونس فعلا تغيرت ودفنت كل بقايا نظام بن علي ... قمنا بجولة تصوير على عدة اماكن كنت قد زرتها خلال ربيع الثورة التونسية بصحبة امجد وكنت اتعمد بعد كل موقع ان اطرح مقارنة لما كان عليه المشهد العام الماضي وما هو عليه اليوم في المكان نفسه .

ترجمة: 

القول إن تاريخ العطور ابتدأ منذ زمن غابر يغبن حقها ، إذ وجد هذا الفن العظيم مذ ظهر مفهوم الجمال ذاته. فصورة الإنسان لا تعني ملامحه الخارجية وحسب، بل نمط تصرفاته وملابسه، ورائحته الفريدة بالطبع.
يرتبط تاريخ العطورات دون انفصال بتاريخ الجنس البشري. فالشم هو حاسة معظم ما تحتفظ به في داخلها من خواص طبيعياً وحيوانياً. إن المعلوامت التي تنقلها حاسة الشم إلى الدماغ لا تتعرض تقريباً لتقييم جدي منه، إذ إننا نخضع للروائح دونما إدراك منا.
لقد خبر الفراعنة في عهدهم الروائح جيداً ، حيث كانت الحسناوات وقتئذ يدهنّ جلدهن البرونزي بالزيوت والدهون، المحتوية على مواد عطرية. وكان الفراعنة يضعون الخلائط المعطرة في توابيت الملوك وقبور الذوات. حيث كانوا يعتقدون أنه حتى لو تفتت المومياء وتقطعت أوصالها، فإن أجزاءها ستجد بعضها بعضاً في العالم الآخر من خلال الرائحة.
لقد واكبت الروائح الإنسان القديم أينما وجد. لجهة طرد المرض عن الجسم، كان الكهنة يلوحون بغصن دراق مزهر فوق المريض. أما هيرودوت العظيم فقد قال: كانوا ينفثون دخان العرعر في البيوت الجديدة، لوقايتها من ضربات الصواعق والحرائق وغيرها من النوازل.
وصلت العطور الزيتية عبر رحاب البحر المتوسط الدافئ إلى بلاد الإغريق، ثم روما. وكانت الحضارات القديمة قد عرفت قيمة العطور الاجتماعية - كلما كانت رائحتك أفضل، أحبك الناس أكثر - إلى جانب خواصها العلاجية.

إنْ يَضعُفْ صوتُ رصاصِ الشارعِ

أو يشتدّ

سنَسُدُّ ثُقوبَ نوافذِنا

بالوردْ...

يا قلبي المذعورَ تَماسَكْ

مِنْ أجل الغدْ

ستزولُ الغُمَّةُ..

هذا وَعدْ.....

الصفحات

Subscribe to جديد مقاهي الكورنيش